×
محافظة المدينة المنورة

مدير شرطة المدينة يعقد اجتماعا بالقيادات الأمنية

صورة الخبر

حين اجتاحت القوات الأميركية بغداد، في ربيع 2003، لم يكن أحد يفكر بحماية مخزن في دائرة التلفزيون، حيث أكوام الأشرطة الموسيقية العراقية، قيل لاحقاً أن محتوياته تسربت إلى المجهول مع طوفان «السلب والنهب». ولا تزال القطع الغنائية العراقية التراثية، قيد البحث. لكن كثيرين لا يثقون بأن المؤسسة الثقافية، مهتمة حقاً بحمايته. ويعتقد المهتمون بالتراث الغنائي أن حمايته تتطلب جهوداً أكبر. يقول عباس خلف، وهو شاعر غنائي مهتم باللون الموسيقي الريفي: «الأغنية الريفية العراقية، ازدهرت أواسط القرن الماضي، وحققت حضوراً واسعاً في العراق ودول الجوار العربي، وعرف الجمهور مطربين كباراً مثل داخل حسن، وحضيري أبو عزيز، وناصر حكيم، وسلمان المنكوب، وغيرهم». ويضيف خلف: «أنتج هؤلاء عدداً كبيراً من الأغنيات، وهي تحتاج اليوم إلى مركز وطني لجمعها وتبويبها، تفادياً للنسيان والضياع». وأسهم ابتكار الشريط الممغنط أو الكاسيت، بشكل كبير في انتشار الأغنية، إذ كان المطربون يسجلون حفلاتهم الغنائية على شريط «كاسيت» فينتشر التسجيل في مختلف المحافظات العراقية. وبعد تطور وسائل التسجيل عزف الناس عن استخدام الكاسيت، وصارت الأقراص المدمجة وأقراص الـ «أم بي ثري» بديلاً عنه. ويخشى محبو الأغنية التراثية، من ضياعها، في ظل عدم وجود مركز متخصص بجمعها، خصوصاً أنها موزعة على رفوف التسجيلات القديمة. أخيراً، حوّل مختبر الأرشيف الصوتي في دار الكتب والوثائق الوطنية في بغداد، أكثر من 880 مقطعاً صوتياً، إلى صيغة «الديجيتال». وتضمنت أغاني ومسلسلات وبرامج منوعة عراقية وعربية، لغرض أرشفتها ضمن مشروع صوت العراق الذي تبنته الدار، وشملت العملية حفظها وخزنها واسترجاعها، وإجراء عمليات تنظيف (التيب) من الغبار والأتربة والمواد البكتيرية العالقة بها. وتبنت الدار مشروع صوت العراق منذ عام 2012، للحفاظ على الإرث الصوتي للعراق وحمايته من الضياع، لكونه يمثل جزءاً مهماً من موروثه غير المادي. واشترك فريق عمل من الدار بدورة تدريبية متخصصة في الأرشفة الصوتية الرقمية، أقيمت في المكتبة البريطانية في لندن، تضمنت محاضرات خاصة بالأرشفة الصوتية وتأريخها والخطوات التي بدأت بها عمليات التخزين للمواد الصوتية. والحال، أن خطوة الدار العراقية مهمة للغاية، لكنها تحتاج إلى جهود مؤسسات أخرى، خارج الإطار الرسمي. ثمة من يحتفظ بتسجيلات قديمة، ويسعى اليوم إلى تنظيمها.   توثيق المقام العراقي ويحاول الفنان العراقي محمد حسين كمر، في بغداد الآن، توثيق المقام العراقي. ويقول كمر: «بدأت بالفعل بمشروع تسجيل وتوثيق المقامات العراقية، اعتماداً على خبرة أكثر من 40 عاماً في هذا ميدان». ويضيف: «حالياً، أقوم بتحليل المقامات، وتحويلها إلى مراجع موسيقية، بمساعدة فنان المقام المخضرم حسين الأعظمي». واستعمل كمر أسطوانات من الممكن أن تحافظ على المقامات إلى أكثر من 500 سنة، سجّلت في أستديوات هولندا ولبنان وسورية، بالاعتماد على التقنية الحديثة. والمشروع حظي بدعم من منظمة «يونيسكو»، بعد أن اطلعت على تفاصيله والهدف منه، كما يقول الموسيقي العراقي. ولكن ما الذي دفعه إلى البدء بهذا المشروع؟ يجيب كمر: «الظروف السياسية والاجتماعية التي مرت بالعراق خلال العقود الأربعة الماضية، أسهمت في تراجع الاهتمام بالتراث الموسيقي العراقي الغني. وهو أمر يسيء إلى حضارتنا، لذا بدأت بالمشروع لإنقاذ وحفظ وتوثيق الغناء العراقي للأجيال المقبلة». ويعد العراق موطن المقام، وفيه كانت تغنى مقامات «المنصوري» و»الحليلاوي» و»الخنبات»، ويقال إن المقام ولد في كركوك وترعرع في الموصل واستقر في بغداد. ومن أشهر قراء المقام في بغداد، حسن البابوججي، رشيد القندرجي، محمد القبانجي، نجم الشيخلي، ويوسف عمر. ويعود تاريخ الموسيقى في العراق إلى عهود قديمة، حيث تطورت من أقدم قيثارة في العالم إلى اختراع العود ومن إضافة الوتر الخامس له إلى الإيقاعات والمقامات العراقية المختلفة. لكن التطور الملحوظ كان في بداية القرن العشرين على يد الأخوين صالح وداود الكويتي. ووصل عدد المطربات في أربعينات القرن الماضي إلى حوالى 40 مطربة. وعرفت الموسيقى العراقية، بعد ذلك، العديد من الملحنين الذي رفدوا الأغنية العراقية بأجمل الأغاني مثل عباس جميل، ناظم نعيم، محمد نوشي، رضا علي، كمال السيد، كوكب حمزة، طالب غالي، حميد البصري، طارق الشبلي، مفيد الناصح، جعفر الخفاف وطالب القرغولي وغيرهم. العراقمنوعات