يقبع خلف القضبان العديد من المسجونين المتّصفين بالنخوة والشهامة، والتي أودت بهم هاتان الصفتان أن أصبحوا خلف القضبان، ينتظرون العفو أو السداد عن شيء استفاد منه آخرون. هذه حقيقة مُعاشة، ونسمع قصصها يوميًّا لرجال وسيدات وقعوا ضحايا موضوع الكفالة، إمّا لاستخراج قرض، أو سيارة، أو شراء أجهزة كهربائية، إلى ما شابه ذلك. ولأن النظام المعمول به هو في الأساس متبع منذ زمن، إلاّ أنه، ومع تبدل الأوضاع، ونفسيات البشر أصبح هناك فئات تستغل شهامة بعض من معارفهم، أو أصدقائهم لإقحامهم في قضايا كفالتهم، ثم يبدأون في المماطلة، أو التهرّب إلى أن يقع الكافل في السجن، كل هذه القصص المتكررة يوميًّا تدفعنا للمطالبة بضرورة أن يُعاد النظر في آلية النظام، ووضوحه، وأن لا يسحب الكفيل على غفلة منه في حالة عدم التزام المكفول بالسداد؛ لأنه ظلم لطرف لم يكن في نيّته إلاّ تقديم العون. إن كثيرًا من البنوك والشركات الخاصة بالتقسيط تضع شروطًا تضمن حقها على حساب الكفيل بالدرجة الأولى، ومن ثم المكفول إلى جانب جهل عدد كبير من الكفلاء، مفهوم الكفالة المعمول به، وعدم تدقيقهم والمامهم بماهية الحقوق والواجبات التى تترتب عليها وباعتقادهم ان توقيعهم مجرد روتين في حين أنه يكتشف بعد ذلك أن الموضوع أكبر منه، ومع وقوع الكثير من هذه المشكلات ارتفعت حدّة المطالبات بتحديث نظام الكفالة المعمول به حاليًّا، بما يتناسب مع المتغيّرات الحديثة الطارئة على الحياة، إلى جانب ضرورة التفريق بين الضمان والكفالة، أي أن الضامن ملزم بالسداد، أمّا الكفيل ملزم بإحضاره. أيضًا لابد الأخذ بالاعتبار أن الكفيل هو شخص يساعد السلطات في تحديد موقع المكفول، ومكان إقامته إن تهرّب، بخلاف ما يُعمل به حاليًّا، وهو حبس الكفيل إلى أن يحضر المكفول. وفي أحيان كثيرة يستسلم الكفيل ليدفع المبلغ إن توفر له؛ كي يخرج نفسه من المأزق، وهذا نظام يساعد على التلاعب، واستغلال البشر، خصوصًا من فئات لا تمتلك الأمانة في التعاملات.. إنّ التطوّر الإلكتروني اليوم سهّل أمورًا كثيرة متعلّقة بتحديد موقع، ومسكن، وإقامة الأشخاص وتتبعهم، الأمر الذي يمكن أن يتم استغلاله بشكل صحيح، ومن ثم يساهم في حل كثير من المشكلات وصياغة علاقة ومفهوم جديد لمعنى الكفلاء.