×
محافظة المنطقة الشرقية

تغريم 3 قنوات فضائية 3.9 مليون ريال لصالح التلفزيون السعودي

صورة الخبر

هل يستهلك العرب الكم الكافي من الكتب المترجمة في مختلف المجالات؟ وهل يقدم المترجمون إلى العربية كتباً يجب الاطلاع عليها، أم هي مجرد كتب قابلة للرواج والبيع في العالم العربي نظراً لشهرة مؤلفها في الإعلام الغربي؟ وهل هذا هو الاتجاه الذي نريد تحقيقه باتجاه معاكس؟ إن تصدير المنتج الثقافي إلى الآخر أمر مهم للكاتب ذاته، ولكن هل هو مهم للمترجم أيضاً، ماهي المخاطر التي يجب أن يتخلص منها، وماهي الجهات التي تدعم ما يبذله من جهد وما يضيعه من وقت؟ تلك الأسئلة يجب أن تكون حاضرة في أذهاننا ونحن نتحدث عن الترجمة من العربية وأهميتها. وفي اعتقادي أن العزوف عن هذا النوع الصعب في الترجمة راجع لعدة عوامل تتعلق بثقافة التصدير ومدى إيمان العرب بها، ولأزمة الثقة لدى المترجم بين ما يستحق أن يترجم ويقدم كدليل حضاري وثقافي أو بين ما يجب أن يترجم لدواعي تجارية وأيديولوجية. الإيمان والحب نحن نعلم أنه قبل حاجة المترجم إلى الإلمام بثقافة اللغتين والمصطلحات والأمثلة والإرث اللغوي والأدبي والديني بينهما، يحتاج إلى علاقة محبة حميمة مع العمل، يحتاج إلى مثل لتلك الشرارة التي تدفعنا إلى الكتابة، ويحتاج إلى اتباع منهجية مدروسة في نقل المعنى مع المحافظة على الروح الأصلية. فالترجمة الحرفية غير كافية في النقل من الأجنبية إلى العربية، وهي بالتأكيد سيئة في الاتجاه المعاكس والمنشود، وإن كانت العادة هي نقل اللغات الأخرى إلى اللغة الأم، وبالتالي يجب توفير الكتب العربية الملهمة للمتخصصين في اللغة العربية من الدول الأخرى وذلك هو الحل الأمثل والأسهل بالتعاقد مع مترجمين أجانب يجيدون اللغة العربية وتكون لهم القدرة بإعادة إنتاجها بلغتهم الأم، وبالتالي يلزم الوطن والأمة العربية إقامة مؤسسات تعمل على توفير الكتب المهمة (لا المشهورة) إلى المترجمين وتتعاقد معهم، ولكنها قد تقع في سوء فهم المترجم للنص العربي بكيفية أبعاده، وهنا قد تلجأ إلى المترجم العربي المتمكن من اللغة الأخرى كونه أسهل في عملية التواصل ويحمل امتياز فهمه وفكه للتعقيدات في لغته العربية الأم ولديه القابلية لأن يصبح جسراً لإعادة إنتاج المنتج العربي له أو لشخص آخر إلى لغة أخرى، وكأن الكتاب كتابه والبوح بوحه وهذا لا يتم إلا بعلاقة محبة مع هذا المنتج وإيمان باستحقاقه لبذل الجهد الجبار فيه. بين المراهنة والأمان في الدول الغربية هناك مؤسسات أهلية وحكومية ترعى تصدير ثقافتها القومية إلى اللغات الأخرى، هي من تقوم بالتعاطي مع المترجمين والمؤلفين وتقدر نتاج المترجم وعمله وتبذل له مبالغ ليترجم نتاج بلدها إلى لغة بلده، وتسهل على المترجم عملية التواصل مع المؤلف، وهذه الجهات تضمن حقوق المترجم كاملة بغض النظر عن نسبة المبيعات وتعمل أيضاً على نشر كتابه وتوزيعه، وبالتالي تحقق له أماناً مالياً قد يزداد إلا أنه لن ينقص، وكذلك تؤمن له جواً نفسياً عالياً، فهي تعرف في مواقعه بالمترجم كما تعرف بالمؤلف وتنشر عملهما معاً. بينما تغيب هكذا مؤسسات في الوطن العربي إلا ما ندر من محاولات خجولة لمجلات تنشر النتاج العربي باللغة الأخرى، ولكنها تطبع وتوزع في البلد المستهدف فقط دون حصولها على دعم مادي أو معنوي. وبالتالي ففي عالمنا العربي على المترجم أن يراهن على أن العمل المترجم سينتشر أو سيقبل به من دور النشر الأجنبية، وعليه أن يضع احتمالاً كبيراً ألا يجد عمله من يتبناه كون العمل فضلاً عن كونه مهمشاً إعلامياً فهو نقطة من نقاط مدح للمؤلف ونادراً ما تجد مترجماً عربياً يحتفى به. وهذه المجازفة وعدم الأمان المالي والمعنوي تجعل المترجم يعيد حساباته قبل أن يقوم بترجمة عمل (وإن أحبه) من لغته إلى لغة أخرى، فهو يجهل تركيبة الفئة المستهدفة ويجهل كيفية النشر والتسويق ومن تجربة شخصية حديثة في الكتابة بلغة الآخر يجب أن تتعاطى مع الآخر وتكون لك جمهوراً ومعجبين بك كشخص وبعملك كمنتج قيم، وهذا الصعب ييسره التأني والصبر وأن يكون الإنسان ذاته أثناء التعامل مع الكتاب والمهتمين بالأدب في مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وقوود ريدز وغيرها مستهدفاً الفئة التي تتحدث بتلك اللغة الأخرى. إن المترجمين الذين لم ينتسبوا لرابطات الدعم يستطيعون المراهنة على جودة العمل بتقديمه ضمن المسابقات الكثيرة المعدة لغرض النشر والتي تكون جوائزها شاملة للطباعة والنشر والتوزيع وهذا ما يندر وجوده لدينا. خلاصة الحديث: الترجمات من العربية ستنتشر حين يعتبر المترجم جزءاً مهماً من منظومة وطنية أو قومية شاملة تتبنى فكرة الترجمة إلى الآخر وتدعمها مالياً ومعنوياً وتقوم بمهام النشر والتوزيع وتوفير العمل المترجم للمهتمين.