×
محافظة الرياض

نائب خادم الحرمين الشريفين يرأس جلسة مجلس الوزراء

صورة الخبر

إنّه عام 2090. يوشك القرن الـ21 على الانتهاء. تنقل الفضائيات والشبكات الرقميّة مباراة أولى في كرة القدم بين منتخب العالم لكرة القدم الذي جرى اختياره من أفضل اللاعبين، ومُنافِسَهُ الغرائبي: منتخب الروبوت العالمي. نزل اللاعبون إلى المستطيل الأخضر. يرتدي اللاعبون البشر بدلات من ألياف النانوكربون الفائقة القوّة التي تستطيع أن تمتص ضربات الروبوت وتحميهم أثناء احتكاكهم مع تلك الآلات. وفي المقابل، لم يعد الروبوت يصنع من حديد ولا من معدن التيتانيوم الفائق الصلابة، بل يركّب من ألياف النانوكربون الصلبة تماماً. في هذا المعنى، تتساوى أجساد فريقي البشر والروبوت. هناك سؤال يتردّد على ألسنة الجميع: إذا تساوت الأجساد أو كادت، هل يجب أن تتساوى الحقوق أيضاً؟   البداية من... البرازيل؟ بعد أن ينتهي البشر من لعب الكرة في البرازيل في تموز (يوليو) المقبل، يستعد منتجع «ساو بسووا» على الساحل البرازيلي لاستقبال فِرَق الروبوت التي تشارك في مسابقة «روبوكاب 2014» التي تُعقد جولاتها بين 19 و25 تمّوز (). ومنذ انطلاقتها في عام 1997، تجتذب تلك المسابقة أعداداً متزايدة من فرق الآلات الذكيّة التي تمثّل دولاً مختلفة. في سياق «مونديال البرازيل 2014»، تتصاعد لهجة المساواة في كرة القدم البشرية هذه السنة بالتشديد على رفض العنصرية و «اللعب النظيف ماليّاً»، بعد تشديدها لسنوات على اللعب النظيف جسدياً بمعنى الخلو من العنف. هل تكون دورة «ساو بسووا» مناسبة لتجديد نقاش يدور منذ سنوات في الغرب: حقوق الروبوت؟ قبل قرابة العام، خصّصت مجلة «ساينس إيه في» العلمية محوراً لنقاش التأثير المتبادل بين الروبوت ومن يعيش معه من البشر، بمعنى وجود رابط قوي بين الطرفين، يشبه العلاقة بين الإنسان والحيوانات الأليفة. وينطبق الاستنتاج عينه حتى على الجنود الذين تنتابهم مشاعر الحزن لـ «مقتل» روبوت يعمل في كشف الألغام والمتفجرات. وأشارت تلك الدراسات إلى أن الروبوت عندما «يتعذّب» و «يموت»، يتألم لأمره أشخاص يتعاملون معه أو يستفيدون من عمله، بغض النظر عن الشكل الاصطناعي الخارجي للروبوت! وبحسب «ساينس إيه في»، لم تعد «قبائل الروبوت» المُهاجرة من الأرض إلى زوايا الكون السحيق، صوراً خيالية تشاهدها الأعيُن في أفلام من نوع «حرب النجوم»، إذ يبدو أن المجتمعات الصناعية مقبلة على مواجهة هذا التحدي الإنساني الجديد. ويُتوقّع أن يؤدي التقدّم المتسارع في تطوير منظومات الذكاء الاصطناعي المُدمجة في الحواسيب المتطوّرة، إلى تمكّن الإنسان من تصنيع «حيوانات آلية» تضاهي ذكاء البشر، بل تفوقه في مناحٍ كثيرة. ولم يُثِر تركيب الروبوت في الطائرات والسفن والصواريخ ومركبات الفضاء والمواقع النووية وغيرها، جدالاً اجتماعياً كبيراً في الماضي، لأن عمله كان جزءاً مُتمّماً لعمل الآلة نفسها. وبعد تطــوّر الروبوت إلى عامل آلي والاعتماد عليه في المصانع بديلاً لليد العاملة البشرية، برزت مشكلة اجتماعية لم تكن معروفة من قبل. وحاضراً، هناك توسّع في الاعتماد على الروبوت في المستشفيات والمدارس ودور رعاية المسنين. ومع ظهور أصناف جديدة من الروبوتات المبرمجة كي تسيّر نفسها بنفسها، وفق سلوك اجتماعي واتصالي يتفاعل مع حاجات الإنسان العاطفية المختلفة، لوحظ نمو في القدرات الاجتماعيّة لآلات الذكاء الاصطناعي.   لو كان حيواناً الأرجح أن وقوف الحيوانات الآلية الروبوتيّة على أبواب الحياة اليومية للبشر، يثير قلقاً فلسفياً وأخلاقياً لدى بحاثين مهتمين بمسألة الحق في صُنع آلات تفوق الإنسان بذكائها. لذا، يشتدّ الجدال في شأن التوصيف القانوني للعلاقة الاجتماعيّة بين الحيوانات الآليّة من جهة، وبين بني البشر من الجهة الأخرى. وتتردّد أصداء هذا الجدال في أرقى المؤسسات العلمية في كثير من الدول. ووفقاً لرأي كايت دارلينغ، وهي باحثة في «معهد ماساتشوستش للتقنيّة»، يُقرّ كثرٌ من صنّاع الروبوت بأنهم دخلوا فعليّاً في خضم جدال أخلاقي لتعريف حقوق الحيوانات الآلية وتشريعها. ورأت دارلينغ أن المسألة وجيهة جداً لكن الرهان معقود على الروبوت في تحفيز مجتمعات البشر، ما يجعل الجدال في شأنها معقّداً. في المقابل، ردّد بعض الباحثين أن عقد مقارنة بين علاقة الإنسان مع الحيوانات الطبيعية، وتلك التي تجمعه (أو ستجمعه مستقبلاً) مع الحيوانات الآلية لناحية احترام وجودها الفيزيائي، من شأنه أن يمحو الحدود الفاصلة بين الكائنات الحيّة والأشياء الجامدة. لذا، لا يقبل هؤلاء البحّاثة بالجدال الأخلاقي، لأنهم يرون أن الروبوت آلة ذكيّة لكنّها تخلو من الوعي والإحساس البشريين. كما انتقد بعضهم تجارب أجرتها دارلينغ في مدينة جنيف في شباط (فبراير) 2012، وطلبت من المشاركين فيها إساءة معاملة الروبوت حتى «الموت» لاختبار مشاعرهم، وذلك لتأكيد دعوتها إلى حماية الحيوانات الآلية، عبر تشريعات قانونيّة ملائمة. وعلى عكسهم، تحاجج الباحثة دارلينغ بأن سبب هذا الجدل هم البشر أنفسهم، إذ يعرف صانعو الروبوت أن البشر يميلون بقوة لإسباغ «لمسة ما» على الروبوتات التي تؤدي وظائف اجتماعية عبر محاكاتها لبعض صفات الإنسان. وقالت دارلينغ: «إن البشر يألفون الروبوتات ويعاملونها عبر سلوك يختلف عن معاملتهم بقية الأشياء الجامدة». وألقت كلمات دارلينغ بعض الضوء على دوافع صانعي النوع «الاجتماعي» من الروبوتات، لجهة حرصهم على زيادة المواصفات الاجتماعية لـ «منتوجاتهم»، على غرار تزويدها بصفات نوعيّة تُشابه الوعي والإرادة والإحساس لدى البشر. وللنقاش بقيّة. معلوماتية واتصالات