×
محافظة مكة المكرمة

5 آلاف يقلعون عن التدخين في الطائف

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي كثيرون يعتقدون بمعاداتنا لدولة القانون وربما العملية السياسية، ولعل هذا الحكم العفوي له منطلقات تنطوي على خلفية تأريخية وتراثية عراقية اجتماعية عشائرية لا يعرفها إلا الراسخون في العلم! فالعراقي حصراً، وبسبب التنوع العرقي والطائفي والحزبي والعشائري والتربية الوطنية البعثية، لا يعرف اليوم في تعامله مع الأشياء والأشخاص والأفكار سوى لونين: الأسود والأبيض، ولعل العامل الأكبر في إنضاج هذه الحالة العراقية الفريدة هو ما عاشه من مآس ومظالم وإرهاب وضغط روحي ونفسي ومادي وحصار فكري. إن الألوان الوسطية التي تنتظم وفق التكنولوجيا الحديثة بين الأبيض والأسود، قد حددت بما لا نهاية له من الألوان، لكن أكثر العراقيين ثقافة وأرقاهم فناً لا يرى بينهما سوى الرمادي، ولا يعرف شيئاً عن بقية الألوان اللانهائية في عالم لانهائي، بحسب الظاهر. أما ألوان الأفكار والقضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، خصوصاً في هذا العصر المضطرب، فمعقدة إلى أبعد الحدود وغير معلومة لأكثر الناس، ولا يمكن بسهولة تقرير وضع خاص أو حتى عام لها بسهولة، بل هناك قضايا تحتاج إلى لجان اختصاصية وعلمية كفوءة كي تخرج بنتيجة نهائية صائبة أو قريبة إلى الصواب. والحال أن كل ذلك مفقود في الوسط العراقي، فماذا يتوقع المراقب في مناحي الحياة والتعامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي غير الظلم والإرهاب والفساد. وليس هذا فقط، بل نفتقد اللجان التخصصية الكفوءة والمؤمنة حقاً، وما زلنا لا نعتمد حتى في جامعاتنا وحوزاتنا سوى المعايير التقليدية والبالية التي لم يعد لها مكان بين العلوم والواقع المعاصر. إن من أهم أسباب التسطح الفكري هو أن الكثير من المسؤولين والسياسيين والمثقفين والمرجعيات يفسرون الماء بالماء، بجهد أو من دونه، ويتحدثون عن المعلوم ، ويحللون المحلل، ويفسرون المفسر الواضح وضوح الشمس في كبد السماء، ويغضون النظر عن المسائل المصيرية والحساسة التي تؤشر إلى العلة. و السؤال المطروح بقوة هو: ليس المطلوب منكم أن تعطونا معلومات، عن وقائع باتت معروفة للجميع، لأنها بلا فائدة ومضيعة للعمر والزمن، بل حدثونا بوعي ومسؤولية وأمانة وعقيدة راسخة عن كيفية معالجتكم لقضايانا المصيرية ومناهجنا المختلطة وشخصياتنا الملونة وحقوقنا المغتصبة ورواتبكم التي أثقلت كاهل الدولة وزادت من معاناة الفقراء والثكالى، وكيفية ردود فعلكم عليها. فماذا فعلتم أو تريدون فعله تجاهها؟ و ماذا قدمتم لمواجهة أو احتواء سلبياتها واستثمار إيجابياتها؟ والأهم من كل هذا ما موقفكم المصيري من «داعش» و «حواضن داعش» الإرهابية التي هي أخطر من «داعش» نفسها على كرامة العراقيين ودمائهم وحقوقهم التي هي تحت سلطتكم ورحمتكم؟ وإلى متى تساومون على دماء العراقيين والكادحين الذين هم الضحية في الشوارع والأسواق من أجل الحفاظ على مواقعكم ورواتبكم ومخصصاتكم؟ ومن خلال معرفتي الدقيقة بالعراقيين، فإنهم يقيسون الأمور في إطار حزبي أو عشائري أو مذهبي ضيق جداً، وربما أفضلها تلك المقاسات التي يحاول المعنيون إضفاء صبغة الإسلامية عليها. خلاصة الكلام أن الجميع يقدسون الشخصيات التي تمثل رئاسة الأحزاب أو العشائر أو الكيانات بشكل عشوائي، من دون النظر إلى مضامين المنهج والثقافة والفكر والمعايير التي يحملها هذا المتصدي أو ذاك الرئيس، سواء كان شيخاً أو رئيساً لحزب أو رئيساً للوزراء أو الجمهورية أو البرلمان أو حتى مرجعاً دينياً. ومن هنا -وبعد فقدان المعايير- بدأ الانحراف والفوضى والإرهاب في الوسط العراقي، خصوصاً مع غياب مرجعية دينيّة صالحة تأخذ بيد الأمة نحو شواطئ الأمن والسعادة والسلام والبناء. هذا الواقع المؤلم يُؤدّي حتماً إلى وقوع المواطن في أخطاء عدة، فتظهر المتناقضات والتقاطعات والظلامات والفتن والإرهاب كنتيجة طبيعيّة وحتميّة لتلك التقييمات المختلطة الخاطئة والفاقدة أساساً للمعايير الصحيحة، خصوصاً أن العراقيين يُواجهون شخصيّات تصدرت المواقف والواجهات بعدما تسترت بالمذهب والدّين والوطن والسياسة وأحكام العشيرة بتسخيرها لمصالحهم الخاصة. إن ما نؤكده هو العقيدة والمنهج الصحيح الذي هو وحده الضامن لطريق السعادة والحياة الآمنة في الدارين، لأن العقيدة هي المنهج الذي يحدد مستقبل الإنسان والعائلة والمجتمع. وأهم معيار لمعرفة المزيفين من الحقيقيين هو تعاملهم مع حقوق الإنسان من خلال معدل الرواتب والمخصصات لكل مسؤول منذ 2003، والتي تعادل راتب كل واحد منهم شهرياً رواتب 200 عائلة عراقية فقيرة بلا رحمة ولا إنسانية، وهم يسرقون اليتامى الذين بلغ عددهم 5 ملايين يتيم ومليوني أرملة! فكيف يُمكن إنساناً مثلي حملَ الأمانة بأناة وصبر لنصف قرن وهو يجوب البلاد والعباد، أن يؤيد هؤلاء الظالمين 100 في المئة، من الذين أسميتهم بأبناء الحرام، بسبب أكلهم المال الحرام وحقوق اليتامى والأرامل و الثكالى؟ ولكم الحكم يا أهل الذوق والمنهج والعقيدة والإحساس.