القاهرة: وليد عبد الرحمن رفض الأزهر أمس فتاوى لقيادات من جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية بتحريم الخروج للاستفتاء على الدستور المصري الجديد، ووصفها الأزهر بأنها فتاوى تجافي «الشرع والدين»، في وقت رصدت فيه وزارة الداخلية تحركات لمناصري الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي لإثارة الفوضى يومي إجراءات الاقتراع المقرر لهما منتصف الشهر المقبل، وتعهدت الداخلية بالتصدي لهذه المحاولات. وأكد الأزهر الشريف رفضه لدعاوى تحريم الخروج للاستفتاء أو الحكم على مشروع الدستور بأنه ضد الدين أو ضد الشريعة الإسلامية؛ قائلا: «كلها فتاوى شاذة ومجافية للشرع والدين». وأضاف في بيان له أمس أن «الشعب المصري - وهو يستعد للاستفتاء على مشروع الدستور - مُطالب في هذه اللحظات التاريخية أن يحسم أمره، ويحدد مصيره، ويخرج بوطنه من فترات القلق والاضطراب والحيرة إلى مرحلة البناء والعمل والأمن والاستقرار، فالخروج للاستفتاء على مشروع الدستور واجب وطني، وما يصب في مصلحة الوطن يُعد من مقاصد الشريعة؛ إذ لا حرمة لدماء، ولا حفظ لعقل، ولا صون لعرض، ولا أمن على مال دون وطن آمن مستقر يجمع الشمل، ويوحد الصف، ويزيل الفرقة، ويبعث على الأمل». من جانبه، أكد اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، أن «محاولات تنظيم الإخوان الآثمة - بأذرعه الإرهابية - لن تستطيع زعزعة الاستقرار بالبلاد أو تغيير مشيئة الله التي قضت بأن تبقى مصر آمنة». وأوضح أمس، في لقاء مع مساعديه ومديري أمن المحافظات، أن هناك خطة أمنية موضوعة بالتنسيق الكامل مع القوات المسلحة للانتشار الأمني بكل شبر من أرض مصر خلال فترة الاستفتاء على الدستور، وإنه لن يُسمح لأي محاولة للعبث بمقدرات الوطن.. وأن الوزارة ستضطلع خلال عملية الاستفتاء على الدستور بتأمين مقار اللجان من الخارج وضمان قيام المواطنين بالإدلاء بأصواتهم في جو آمن. وأشار اللواء إبراهيم إلى أنه سيجري أيضا تأمين كافة المنشآت الهامة والحيوية بالدولة والانتشار بدوريات ثابتة ومتحركة في كافة المحاور والمنافذ لتحقيق سيطرة أمنية شاملة، وإحباط أي محاولة لتعطيل مسار خارطة الطريق التي رسمها الشعب بجهود أبنائه المخلصين، مؤكدا أنه أعطى تعليمات صريحة بمواجهة فورية لأية مسيرة خارجة عن القانون بمنتهى الحسم والحزم وفقا لما حدده القانون. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن «الأجهزة الأمنية تلقت تقارير تفيد بالتخطيط لتعطيل عملية الاستفتاء على الدستور، بالتظاهر أمام مقار اللجان ومنع المصريين من الدخول للإدلاء بأصواتهم، وإصدار فتاوى من مشايخ الإخوان والجماعة الإسلامية تحرم الخروج للتصويت على الدستور». في السياق نفسه، دعا عمرو موسى، رئيس «لجنة الخمسين» التي أعدت الدستور الأخير، الشعب المصري بأكمله للمشاركة في الاستفتاء على الدستور، مشيرا إلى أن المشاركة الكثيفة مهمة جدا لإنجاح ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013. وقال خلال مؤتمر نظمه الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، أمس بأحد فنادق القاهرة، في إطار حملة «اعرف دستورك»، إن «الدستور تحدث عن الحريات والحقوق بشكل لم يسبق له مثيل في أي دستور». على صعيد متصل شكك مراقبون في صدقية دعاوى أطلقها تحالف تقوده جماعة الإخوان بمقاطعة الاستفتاء على الدستور، معربين عن اعتقادهم أن تحالف الجماعة سيدفع بأنصاره للتصويت بـ«لا»، والعمل على محاولة إشاعة الفوضى يوم الاقتراع. وقال قيادي في حزب النور السلفي إنه يعتقد أن جماعة الإخوان سوف تشارك في الاستفتاء على الدستور، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن مقاطعتها للاستفتاء «سيكون أمام الإعلام فقط، لكي لا تقع في تناقض المناداة بإسقاط النظام الحالي، ثم تشارك في استحقاقات خارطة الطريق». في غضون ذلك، واصلت جماعة الإخوان تحريضها على التظاهر في مصر وتنفيذ مخطط إرباك البلاد، حيث دعا جمعة أمين، نائب مرشد الإخوان، إلى مواصلة التظاهر لحين «امتلاك القوة» للوقوف أمام من وصفهم بالأعداء، قائلا في مقالة بعنوان «قوة إرادتنا هي سلاحنا» نشرها موقع «الإسلاميون» على الإنترنت: «إذا تحققت الإرادة وصلنا إلى امتلاك القوة المعنوية والإيمانية، بل والمادية، وبذلك لا نقف أمام الأعداء مكتوفي الأيدي». وواصل طلاب الإخوان وأنصارهم المظاهرات بعدة جامعات مصرية، بهدف شل العام الدراسي، وتعطيل امتحانات نصف العام، إضافة لمطالبهم السياسية بعودة مرسي للحكم ورفض خارطة المستقبل. وأغلق طلاب الإخوان في جامعة الأزهر أمس أبواب كليات «التربية والصيدلة واللغات والترجمة»، ومنعوا الأساتذة وزملاءهم من دخول الكليات، مطالبين بالإضراب عن الدراسة وتعطيلها، بينما تمركزت قوات الأمن مدعومة بمدرعات من الشرطة تحسبًا لوقوع اشتباكات بين الطلاب. وفي جامعة القاهرة، نشبت مشادات كلامية تطورت إلى اشتباكات بالأيدي بين طلاب الإخوان وموظفي الجامعة والطلاب المؤيدين لخارطة الطريق أمام مبنى الجامعة. وتعمل جماعة الإخوان تحت مظلة ما يعرف بـ«تحالف دعم الشرعية وكسر الانقلاب» المكون من أحزاب إسلامية صغيرة، وأعلن هذا التحالف مقاطعته للاستفتاء. وقال في مؤتمر صحافي عقده بالقاهرة أمس إنه لا يعترف بالدستور الجديد.