×
محافظة المدينة المنورة

أكثر من «15» فعالية في مهرجان «صيف ينبع 35»

صورة الخبر

نقف يومياً على عديد من القضايا ذات الأحكام الجاهزة، حيث يقدم الناس رأيهم فيها بشكل مباشر، دون الحاجة إلى التفكير. إنها قضايا بدهية، لا يمكن معها أن ننتظر من الآخرين رأياً سوى ذلك الرأي المسلّم به في أذهانهم. هذا أمر طبيعي، وتتسم به جميع المجتمعات الإنسانية منذ بدء التاريخ وحتى يومنا هذا دون فارق. فالكل يذهب إلى ذات النتيجة المحسومة. وسؤالي هنا، ما الذي جعل المجتمعات تتفق على قضية (ما) إلى درجة إقصاء المختلف عنهم؟ هنالك ظاهرة نفسية تطرّق إليها علماء الاجتماع والنفس، وتحدّث عنها بعض علماء الفضاء -مثل كارل ساغان- تدعى «الباريدوليا»، وهي ظاهرة تفترض أن أي مؤثر اجتماعي مجهول قد يكون مهماً، لأنه -ببساطة- له دور كبير في تكوّن الذاكرة الجمعية المتشكّلة من جراء وقوع الفصيل الاجتماعي تحت تأثير خطاب واحد، أو وهم واحد، أو مؤثر واحد. ساعتها، يقوم العقل بإرساء «المتخيّل» على شكل «حقيقة»، ويبني عليها قوانينه وأحكامه ودساتيره ومستقبله ومستقبل الأجيال التي ستأتي من بعده. إن ظاهرة «الباريدوليا» تهيئ الأرضية النفسية للعقل الجمعي لقبول أي مؤثر طالما هو متساوق مع مسلماته، لذا لاحظ المتابعون لهذه الظاهرة قبول المتديّنين -على سبيل المثال- للوهم بصورة جمعية، كأن يروا صورة أحد رموزهم في القمر، أو أن يرى تفاصيل وجهه، كما حصل مع بعض المسيحيين حين توهموا رؤية وجه المسيح والعذراء في عجينة الخبز. والأمثلة كثيرة. اليوم، أصبحت المجتمعات أكثر وعياً، وربما غابت خرافة «الباريدوليا» بشكلها التقليدي، لكنها تحضر أمام صانع جديد لهذا الوهم، وهو «الإعلام»، فوحده القادر على صناعة باريدوليا جديدة. ووحده القادر على صناعة الوهم الجمعي، والإيمان به، والدفاع عنه. فمن يمتلك الباريدوليا يمتلك الناس.