دائماً ما تدعي الشركات عند إعادة هيكلة شركاتها بأن تقوم بتسريح أعداد كبيرة من موظفيها أو تلجأ إلى تخفيض أجور عمالها، لكن في المقابل هناك شركات تستثمر في الموظفين بتوسيع أعمالها وفق إستراتيجيات ناجحة بدلاً من تسريحهم وتتجه إلى رفع أجورهم وتقديم لهم عقود آمنة إلى جانب تدريبهم على مهارات متعددة. وهناك دراسات قارنت بين أرباح مستثمرين في شركة وول مارت قبل عشرة أعوام فلم تحقق لهم سوى 40 في المائة، بينما حققت أرباحهم لاستثمارات مماثلة في شركة كوستكو حصلوا على أرباح تصل إلى نحو ثلاثة أضعاف ما حصلوا عليه في وول مارت، في حين أن وول مارت تعطي موظفيها أجوراً متدنية حسبت الأجور تحت مستوى الفقر مما جعلهم يتلقون مساعدات من الدولة ما مقدارها 585 مليار دولار، بينما الموظفون في شركة كوستكو حصلوا على أجور عالية فلم يحتاجوا إلى مساعدات من قبل الدولة. فإذاً هناك فارق كبير وشاسع بين الشركتين كمثالين، فشركة كوستكو استثمرت في الموظفين، لذلك كان أداؤها جيداً، وكانت أرباحها أعلى، بينما شركة وول مارت التي لم تستثمر في الموظفين، فكان أداء الشركة سيئاً انعكس على أرباح الشركة المنخفض. فأثبتت شركة كوستكو بأن إبقاء التكاليف منخفضة، والأسعار منخفضة أيضاً ليس من خلال الأجور المنخفضة وإنما من خلال الأداء الجيد والاستثمار في التدريب الذي يرفع كفاءة الموظفين، بينما اكتفت وول مارت بأن تكون مجرد آلة لتوليد الربح، ولكن حدث العكس بسبب أنها تعتمد على تعيين الموظفين بنظام الساعات في آخر لحظة التي لم تبن على إستراتيجيات التوظيف مثلها مثل إستراتيجيات السعودة لدينا التي فشلت التي تسببت في التوظيف الوهمي والمؤقت أي لم تنجح السعودي في توطين الوظائف، على عكس شركة كوستكو التي تعمل على نقل الموظفين بين الوظائف وتقدم لهم حوافز تشجعهم على الحصول على الأمن الوظيفي مما ينعكس على الأداء الوظيفي، وإعطاء مزيد من القوة للعاملين. وتركز الشركات الناجحة في إستراتيجياتها على عرض مجموعات صغيرة من المنتجات، وعروض ترويجية محدودة، ساعدت هذه الإستراتيجية الشركات على الشراء بتخفيضات أكبر، وفي نفس الوقت تجنبت إرباك الزبائن، وتوقعات أفضل للمبيعات، فكان الجمع بين ظروف العمل الجيدة وتوحيد المنتجات أدى إلى نمو الأرباح بصورة أعلى. فالشركات التي تستثمر في الموظفين يقودها إلى النجاح، فمثلاً متاجر زارا تصمم ملابسها وتوصلها في غضون أيام بعكس الشركات الأخرى التي تأخذ زمناً طويلاً، مما يقود إلى خفض نسبة تكاليف التوصيل وتكاليف الزمن في حدها الأدنى، حتى أصبح عدد متاجرها في أنحاء العالم 1500 متجراً في 70 بلدا، فتحولت الشركة إلى سلسلة توريد عالمية في متاجر زارا، ويعود نجاحها أساسا إلى استثمار متاجر زارا في الموظفين الذين حققوا لها مثل هذا النجاح الباهر، وحققوا لها أمر حاسم في هذه السرعة التي تميزها عن بقية الشركات الأخرى المماثلة فكانت هذه الإستراتيجية جاذبة للعملاء، إلى جانب قدرة الشركة على جمع المعلومات من الموظفين بخصوص ما هو رائج لتلبية رغبات الزبائن في أسرع وقت ممكن قبل أن تتمكن الشركات الأخرى المنافسة من تلبية مثل تلك الرغبات، مما مكن شركة زارا من المنافسة والبقاء في السوق، وهناك كثير من الشركات الناجحة التي تطبق إستراتيجية زارا وتستثمر في الموظفين.