تداركت وزارة الصحة خطأ إجرائيا كاد يتسبب في تبديل مولودين في مستشفى الملك سعود بعنيزة، وأصدرت إجراءات بفصل ثلاث ممرضات وافدات ارتكبن هذا الخطأ. ولا يخفى عليكم أن حوادث تبديل المواليد ليست جديدة على وزارة الصحة التي تحاول تجاوز أخطائها السابقة في تبديل المواليد التي أوجدت قصص دراما هزت الرأي العام. وقد اختفت فعلا مثل هذه الحوادث في الفترة الماضية. ولكن مثل هذا الخبر يثبت أن بعض مستشفيات الوزارة ما زالت تسير على الحافة، ويمكن أن يحدث الخطأ في أقل من غمضة عين. وهي ليست بحاجة إلى كل ذلك ما دامت الحلول التكنولوجية متوفرة. ولا يخفى على أحد الآثار التي يمكن أن تحدث عند حدوث مثل هذا الخطأ الفادح. حيث يكبر الإنسان ويعيش ويموت لا يعلم من هو؟. ** من جهة أخرى، يبدو كل الناس وكأنهم جميعا قد تم تبديلهم بالخطأ في مستشفى الولادة. نعم.. في بعض الأحيان لا تعلم هل أنت أنت؟. أم أنت أنا. أم أنت هو؟. مطلوب منك أن تفكر بعقل غيرك، وترى الأمور بعين غيرك، وأن تتحدث بلسان غيرك. ما الذي بقي منك كي تقول أنا أنا؟. فكر جديا في أن ثمة خطأ حدث لحظة الولادة لتصبح هذا الشخص الآخر.. إن لم يكن في تبديل الجسد فقد يكون في تبديل العقل والقلب واللسان. ** أحيانا، لا تكون المشكلة في أن تكون أنت أنت فعلا؟. ولكن زوجتك أم عيالك لا تكون زوجتك بل أختك. وهذا ما حكمت به محكمة الرس بعد أن طلقت رجلا من زوجته بعد ثبوت أخوتهما بالرضاعة. تذكرت حلقة طاش الجميلة حين كشف ناصر القصبي للسدحان أن زوجته هي أخته في الرضاعة ويجب أن يطلقها، فجاءت هذه إلى زوجها بالقهوة وهي حريصة على تغطية وجهها؛ لأنه لم يعد زوجها، فقال لها: (أخوك.. أخوك.. ليه تغطين؟!). يا لها من (لخبطة)، وأعان الله من يقع فيها على تحديد علاقته بأسرته والمجد والسؤدد لـ(قواطي) حليب الأطفال التي خففت من حوادث الرضاعة غير المتوقعة!. ** دعك من كل هذا في بعض الأحيان لا تكون المشكلة تتعلق بك أو بالزوجة أو الأولاد. ولكن ثمة بشر ليسوا هم في المنزل، وهم الخدم الذين أوصانا النبي ــ عليه أفضل الصلاة والسلام ــ بأن نحسن معاملتهم وصنفهم بأنهم إخوتنا. هم ليسوا هم في أغلب الأحوال؛ لأنهم الطرف الأضعف وقد صدر نظام العمالة المنزلية الجديد الذي يمنح (الشغالات) والخدم عموما حقوقا لا ينكرها عليهم عاقل، ومنها ــ مثلا ــ تحديد ساعات الراحة بتسع ساعات في اليوم وعدم تشغيله خارج المنزل (يعني ما ينفع المدام تفزع في مناسبة أم فلان وتعطيهم الشغالة)، وغير ذلك من الشروط الكثيرة والدقيقة التي قد تتصادم في طريقتنا على التعامل مع الشغالات. ربما يبدو الأمر مزعجا للبعض في البداية. ولكنه واقع جديد ومطلوب، بل ومهم لنا قبل أن يكون مهما للخدم. فهو سمة أكيدة على تحضرنا وعلامة على فهمنا أخيرا لحقيقة العلاقة مع هذا الأجير الذي يعمل معنا، ولو لم نكن بحاجته لما اتفقنا معه. وهو ــ شئنا أم أبينا ــ منا وفينا يعيش معنا كل لحظة وهو الأحق بحسن المعاملة كي يكون هو حقا لا هو الذي فرضناه عليه بقسوه. وهكذا نساعد أنفسنا كي نكون نحن نحن كما كنا منذ قديم الزمان قبل أن تفسدنا تحولات العصر الهائلة التي أفقدتنا عدم التوازن، حتى أصبحنا غير متأكدين من كوننا نحن فعلا ذات القوم الذين يعتبرون الخادم ابنهم الذي لا يقبلون له غبنا؟!.