ما أجمل الأرقام حين تكثر عن يمينها الأصفار، فهي تبعث في النفس نشوة وسعادة عارمة، حتى لو لم تكن أنت مالكها. وهذا ما جعل كاتبنا تركي الدخيل يتغنى بالتعليم الاستثنائي مجرد ما رأى هذا الرقم الفلكي 80 ملياراً، فيبدو أن سعادته المؤقتة حجبت عنه أخبار المليارات التي ذهبت في تلك السنين الخوالي، التي سعدنا حينها مثل ما سعد هو الآن، لكنها سافرت ذهاباً بلا عودة، أين ذهبت وما زال تعليمنا يسير برجل عرجاء نحو الهاوية؟ نحن نغطي عيوبنا مع الأسف، ولكن في الحقيقة نغمض أعيننا، بينما تظهر أجسامنا عارية أمام الملأ، كيف لتعليم يريد أن ينجح ويتطور ولا يزال العاملون فيه يصرخون لعودة حقوق مسلوبة؟ والكل يعلم أنها فعلاً مسلوبة. إن الحكم على تعليم استثنائي قبل أن نرى العمل الحقيقي هو عبث ومداهنة، وأنت كاتب قدير ومثقف وتعي كل شيء، ولا أعلم هل هي فوبيا المدح الزائد أم أن الأقلام صامت عن وضع الأمور في ميزانها الحقيقي؟ انظر إلى ميزانية الدولة المخصصة للتعليم واستشف النتيجة منها. في عام 2003 كان اعتماد التعليم من الميزانية 57 ملياراً، وفي عام 2014 تم اعتماد 210 مليارات ريال بزيادة 153 ملياراً، وهذا باستثناء اعتمادات التطوير آنفة الذكر، فما هو الناتج من ذلك إلا تعليم ضعيف هش لا يرقى للمأمول. نحن متفائلون بالأمير خالد، ونعي فكره المتطور وعمله الجاد، ولكن من السابق لأوانه أن نحكم على تعليمنا بالاستثنائي، فأمامنا طريق طويل جداً حتى نقارن تعليمنا بتعليم كوريا الجنوبية، تعليمنا بحاجة إلى عمليات جراحية معقدة وليست عمليات تجميل يقوم بها الإعلام.