توعّدت مساجد في المنطقة الشرقية بمصادرة أحذية المصلين والتخلّص منها في حال عدم وضعها في الرفوف الخاصة بالأحذية، ولا يُعدّ «الوعيد» الذي أطلقته هذه المساجد «تصرفاًَ فردياً»، إذ إنها قامت بذلك بناء على تعميم وزّعته إدارة شؤون المساجد التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على مساجد الشرقية. ويستبق التعميم حلول رمضان المبارك، الذي تشهد خلاله المساجد اكتظاظاً بالمصلين وبخاصة في صلاتي التراويح والقيام. ويشهد الشهر أيضاً موائد الإفطار التي تُنظّم لإطعام المصلين وبخاصة العمال الأجانب. وطالبت وزارة الشؤون الإسلامية في تعميمها بـ «الحفاظ على حرمة المساجد واحترامها، من خلال إطلاق مشروع «أفكار للمساجد»، ومن بينها «خلع أحذية المصلين بعيداً عن بوابات المساجد ووضعها في الرفوف، وإلا سيتم إلقاؤها في صندوق والتخلص منها في وقت لاحق». وأكدت إدارة شؤون المساجد بالشرقية، في تعميم وزعته على خطباء وأئمة المساجد، بضرورة «احترام المساجد وبوابتها والابتعاد عن كل ما يدنسها»، لافتة إلى «ظاهرة تكدس الأحذية على بواباتها، وهناك من يأخذ حذاءه معه، لاسيما في صلاتي الجمعة والتراويح في رمضان خوفاً من ضياعه»، معتبرة ذلك «مخالفاً لتعليمات الشريعة الإسلامية، التي من شأنها أن تحثّ على احترام قدسية المساجد لأنها بيوت الله». وكشف مصدر في فرع الشؤون الإسلامية لـ «الحياة»، أن «المساجد لن تصادر الأحذية فوراً، بل ستقوم بتجميعها من الأرض، ووضعها في الصناديق المخصصة لهذا الغرض، وعلى صاحب الحذاء أن يستخرجه من الصندوق في حال خروجه من المسجد. وإذا لم يبادر إلى أخذه في غضون ثلاثة أيام، ستبادر المساجد إلى التخلص منها بطريقتها». بدوره، قال الشيخ إبراهيم السبتي (إمام وخطيب مسجد في مدينة الدمام) لـ «الحياة»: «إن المساجد بيوت الله، ولها قدسيتها ومنزلتها في قلوب المسلمين جميعاً، وهناك من يقوم بتسخير منابرها وساحاتها لممارسات خاطئة، وسلوكيات لا تعبّر عن الروحانية، التي من المفترض أن يتحلّى بها المسلم تجاه الأماكن المقدسة، التي تختلف عن البيت ومكان العمل، وينبغي أن يستخدم المسجد في الدعوة للخير والمحبة والتراحم والتآلف بين أبناء المجتمع المسلم والأمة الإسلامية». وأضاف السبتي: «إن المسجد مكان عبادة ورسالته التربوية والإرشادية العظيمة والنبيلة تكون خالصة لله، وطلباً لمرضاته وغفرانه. ومن هذا المنطلق فإن المرحلة الراهنة بإفرازاتها ومستجداتها تتطلب الوقوف عند ضرورة الحفاظ على قدسية رسالة المسجد، الذي يعتبر المؤسسة الروحية الأولى في الإسلام. ورسول الله «عليه الصلاة والسلام»، عندما هاجر إلى المدينة المنورة، بدأ بوضع الأسس الأولية لبناء المجتمع المسلم ببناء المسجد، مجسّداً قول الله ـ عز وجل ـ «إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين». وذكر أن «عمارة المسجد تعني نوعين من العمارة المادية، والمعنوية المتمثلة في إحياء رسالة المسجد كمجمع لأداء العبادات، ومؤسسة تربوية وإرشادية تهذيبية تعليمية اجتماعية، وهذا لا يأتي إلا بالحفاظ على قدسية بيوت الله وربطها به سبحانه، بعيداً عن التصرفات الخاطئة التي تقلل من قدسية المكان»، مضيفاً: «إن ظاهرة تكدس الأحذية أو إدخالها المساجد لا بدّ من التصدي لها، لأنها نابعة عن عدم وعي، وقلة تركيز في مفاهيم الدين الحنيف». وأكد الشيخ السبتي على «توعية المصلين بأنه من يدخل حذاءه أو يضعه بطريقة غير منظمة، بعد أن تم تخصيص أماكن على شكل رفوف لا تبعد كثيراً عن المسجد، يتحمّل مسؤولية ضياعه، لأن عمال تنظيف المساجد سيضعونها في صندوق، ثم يتخلصون منها في وقت لاحق. لأننا نعاني فعلاً من هذا الأمر في رمضان أثناء صلاة التراويح، وفي صلاة الجمعة، إذ تتلاشى رهبة المكان وتضيع روحانية الصلاة»، لافتاً إلى أن عدداً من المارة «يتعجبون من هول المنظر، حتى بات بعضهم يلتقط صوراً لتكدس الأحذية على أبواب المساجد وينشرها، وكأنه يثبت للأديان الأخرى عدم احترام المسلمين لمكان صلاتهم. ونحن بدورنا نريد أن تكون رسالة الإسلام بحسب ما وردت في الكتاب والسنة». من جهته، أكد الشيخ حمد الدوسري، لـ «الحياة»، أن «احترام المساجد واجب، وما بخارجها يمثل مدى احترام وقدسية ما بداخلها، لذا وجب علينا التصدي لظاهرة عدم احترام بوابات المساجد وانتشار أحذية المصلين بطريقة غير منظمة، وما أودّ التأكيد عليه أن ما يحدث على بوابات مساجدنا لا يحدث في أماكن العبادة لديانات أخرى، وأعوذ بالله من التشبيه». أئمة ومصلون ينتقدون «غياب الصيانة»... و«عقود الباطن» < أثنى إمام مسجد بمدينة الخبر على هذه الخطوة، إلا أنه تمنى من الوزارة أن تبادر إلى القيام بخطوات أخرى على صعيد العناية بالمساجد منها صيانة أجهزة التكييف، التي يشكو الكثيرون من أعطالها، والأمر ذاته ينطبق على دورات المياه والتمديدات الكهربائية»، مضيفاً: «إن الصيانة في بعض المساجد وضعها مأسوي، و تكاد تكون غائبة تماماً». وفي السياق ذاته، تمنى مواطنون من وزارة الشؤون الإسلامية تشديد الرقابة على المساجد، التي ذكروا أن بعضها تخالف التعليمات، في ما يتعلق باستعمال المكبرات في الصلوات، وبخاصة التراويح في شهر رمضان. فضلاً عن قيام المؤذنين بإمامة المصلين، بدلاً من الأئمة الذين تعينهم الوزارة، وتصرف لهم رواتب، مشبهين ما يجري بـ «عقود الباطن»، التي تسند بموجبها شركات المقاولات الكبرى العقود إلى شركات أصغر.يذكر أن فرع الشؤون الإسلامية في المنطقة الشرقية يشرف على نحو 3500 مسجد. ولديه 742 «خطيب جمعة»، و1846 «إمامَ فروض»، و2059 «مؤذناً»، و940 «خادماً». يُصرف لهم أكثر من 180 مليون ريال سنوياً، وتشمل عقود الصيانة 1350 مسجداً بقيمة 85 مليون ريال. وخصّص الفرع أخيراً، خطّين هاتفيين لاستقبال بلاغات الأعطال والملاحظات عن الجوامع والمساجد على مدار 24 ساعة. وأتاحت «الشؤون الإسلامية» خطوط الطوارئ لأفراد المجتمع، ومن بينهم الأئمة والمؤذنون. وقال المدير العام لفرع الوزارة في المنطقة الشرقية الشيخ عبدالله اللحيدان، في تصريح سابق لـ «الحياة»: «إن الفرع قام بتحديث وإطلاق برنامج الخدمة الذاتيّة (IVR) لخدمة صيانة المساجد في المنطقة»، موضحاً أنه «تجريبي لمساجد الدمام، كأوّل خدمة من نوعها تُقدَّم لهذا الغرض». وأضاف في تصريح إلى «الحياة»، «صُمّم البرنامج لتلقي البلاغات من طريق الاتصال الهاتفي من قِبَل المستفيدين بشكلٍ عام والأئمة والمؤذنين والمراقبين بشكل خاص، ليتم تحديد ما يُرغب الإبلاغ عنه، بالضغط على رقم محدد مسبقاً لكل عطل، ومن ثم يتم إلكترونياً إرسال البلاغ لجهة التنفيذ وجهة المتابعة، وسيحصل المتصل على رقم الطلب ليتسنى له متابعته فيما بعد». السعوديةالشرقيةمحليات سعوديةالمشاجدالمصلين