×
محافظة مكة المكرمة

أسرة سعودية من 9 أيتام تناشد أهل الخير المساعدة وتلبية احتياجاتهم

صورة الخبر

النسخة: الورقية - سعودي الزمن: الثانية ظهراً بتوقيت مكة المكرمة.المكان: العاصمة البلجيكية بروكسل. الحدث: أول مناظرة علنية بين رئيس المخابرات العامة السعودية (الأسبق) الأمير تركي الفيصل، ورئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية (السابق) الجنرال عاموس يادلين، المنظم: بدعوة صندوق مارشال الألماني بالولايات المتحدة، الهدف: مناقشة القضايا المركزية المطروحة على جدول الأعمال لمنطقة الشرق الأوسط، النتيجة: انقسام بين تخوين واتهامات بالتطبيع. هكذا كانت الحال في أعقاب المناظرة الأولى من نوعها بين مسؤول سعودي وآخر إسرائيلي، لكن بعيداً عن تلك الآراء المنقسمة خرج الفيصل كعادته، حصد الإعجاب بأسلوبه وصراحته، والأهم فكره، ولعل الفيصل بمقابلته تلك أخرس الألسنة التي كانت تطعن في السعودية، وتتهمها بعلاقات مع إسرائيل من تحت الطاولة، وهو ما لم يَرُقْ لحفنة من البشر، فبدأت أسطوانات التخوين، واتهامات التطبيع، وتناثرت الشعارات القومية، كعادتها يمنةً ويسرةً. لا بأس تلك حال نعيشها منذ عام 1948، أي منذ تأسيس حركة القوميين العرب، وماذا بعد؟ أمامنا تساؤل تتطلب الإجابة عنه جرأة مفقودة منذ أكثر من 50 عاماً، هل هناك اليوم قضية فلسطينية؟ لا شك في أن سؤالاً من هذا النوع يخشى الكثيرون الإجابة عنه. لا لشيء سوى أن هناك إرثاً كبيراً وموجة من القوميين الذين يبرعون في كيل الشعارات ورفع الشتائم، جاهزين لأسطوانة التخوين لكل من يقول بما لا يعجبهم. بالنسبة إليَّ، وفي رأيي شخصي جداً ستكون إجابتي هي النفي، ولو استعرضنا تجارب الفلسطينيين في الخارج لعرفنا أنهم آخر من يفكر بفلسطين وبأنها قضية، فالنظرة العامة اليوم هي سلعة يُتاجَر بها؛ لتحقيق مكاسب قد تكون مادية أو شخصية بحجة القضية. انظروا إلى فلسطينيي الخارج، أين هم؟ ماذا يفعلون؟ ما هي حياتهم؟ بل ماذا قدموا للدولة التي يتباكون عليها؟ منهم من أسس صحيفة على حساب القضية وبات مليونيراً على حساب القضية أيضاً، وأصبح ذا رأي يُستضاف بحجة القضية، وآخر يتمتع بجنسية إسرائيلية، يهاجم العرب ويخطط لبعضهم، وينظِّر على بعضهم الآخر. كل ذلك بحجة القضية التي باعها من زمن بعيد، أولئك نموذجان فقط من المنتفعين من القضية الفلسطينية. لكن دعونا نعود إلى الوراء قليلاً، ولنتذكر الكويت أيام الغزو العراقي، فالكويت كانت واحدة من أوائل الدول التي وقفت مع القضية الفلسطينية وساندتها واستضافت أبناءها، لكن عند غزوها لم يشفع لها ذلك، وكان موقف الفلسطينيين مخيباً للآمال ومحبطاً، ليس فقط على الصعيد السياسي، بل حتى الاجتماعي، وهناك قصص تم تداولها لفلسطينيين آواهم كويتيون في بيوتهم ليفاجَأوا بأنهم أول من انقلب عليهم، وساندوا الغزو. اليوم عندما يخرج أولئك الوصوليون ليحدثونا عن القضية الفلسطينية ويتهموا السعودية بعلاقات مع إسرائيل وبأنها لا تخدم القضية على رغم كل ما قدمته هي ومواطنوها، لا بد من أن تصيبنا الدهشة، فعندما ذهب الراحل ياسر عرفات ووضع يده بيد الإسرائيليين وأسقط بند الكفاح المسلح طلب من السعودية وبقية الدول العربية أن تعلن الحرب، وعندما بدأت المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين اتهمنا بأننا وراءها. في المحصلة اكتشفنا أنه يتوجب علينا أن نكون في حال حرب مع دولة لمجرد أن بعضهم يريد ذلك. حسناً، نحن لسنا على وفاق مع الكيان الصهيوني، ولن نكون إن كان هذا ما يؤرقهم، فالكيان الصهيوني عدو بالنسبة إليَّ ولكل سعودي، وسيبقى كذلك حتى وإن طبع مع الفلسطينيين طالما يحتل أرضاً مقدسة، لكن على الوجه الآخر ذلك الكيان لا يهددني على رغم أنه عدوي، بل هناك من يدّعي صداقتي ويهددني مثل إيران، والغريب أن من يدعوني إلى مواجهة عدوي الذي لا يهددني يدعوني إلى مصافحة جاري الذي يهددني ويقيمون معه العلاقات ويتبادلون معه الزيارات، بل ويتراقصون لجملة قالها وزير الخارجية سعود الفيصل من أجل احتواء ذلك الصديق العدو، ترى كيف يمكن التعامل مع هذه المعادلة؟ القضية الفلسطينية تحولت من قضية سياسية إلى قضية شعبية، هي الآن موجودة داخل عقول الشعوب فقط وأيضاً هي قضية وجودية للقوميين ليس أكثر، فهؤلاء لا قيمة لهم إلا بوجودها، ومن ثم لزاماً عليهم أن يخونوا ويطعنوا ليستمروا في المشهد حتى وإن كان بعضهم لا يعلم شيئاً عن تفاصيلها. أما أصحابها ولا سيما بعض أولئك الذين يقيمون خارجها أرادوها ألا تكون قضية بل منفعة يقتاتون من ورائها، وهم بذلك أشد خطراً من الصهاينة، وأكثر ابتزازاً، وعلينا نحن أن ندفع ثمن خروجهم من ديارهم، وأجزم أنه لو عادت فلسطين وطُرد الصهاينة لما عادوا، وهم لا يتمنون عودتها لأن في تلك العودة نهايتهم. هل نظلم الفلسطينيين بهذا القول، ربما، لكن الأكيد أن بعضهم تشرب التصهين من الصهاينة، وبات أشد منهم صهينةً، عزز ذلك وجود بعض الببغاوات الذين يرددون ما يسمعون فقط وسيبقون كذلك طالما بقي من يلقِّنهم. الفيصل خرج ممثلاً نفسه، وتحدث بلغة الواثق ولغة الدولة ذات المبادئ الراسخة، ومهما حاول الأقزام أن يتطاولوا سيبقون أقزاماً، والوقت كفيل بأن يكشف المزيد منهم ويكشف أنه لا توجد قضية فلسطينية بالمعنى الذي يسوِّق له أولئك المنتفعون، ففلسطينيو الداخل الذين يتحملون التنكيل هم من يمثل تلك القضية، أما أولئك المتهافتون في الخارج فحتى أنفسهم تعف أن يمثلوها. * صحافي وكاتب سعودي.