هذا المقال موجه للموظفين بشكل خاص، وآمل ألا تكون ردود أفعالهم تجاهي سلبية، فيتعمدوا تأخير معاملاتي، وتعطيل مصالحي وأموري ويضعوا اسمي على رأس القائمة السوداء، تقصير بعض الموظفين وإهمالهم في تأدية عملهم ووظائفهم التي لا تخفى على أحد يتقاضون عليها رواتبهم ومكافآتهم وامتيازاتهم، وأتحدى أن يكون هناك مواطن واحد استطاع على مدى السنوات الماضية إنهاء معاملة له، في مصلحة أو هيئة حكومية، في يوم واحد، بل ربما في أسبوع واحد، إلا إذا كانت لديه معرفة في تسهيل أموره، أما عن المساكين الذين لا يملكون معرفة فحدث ولا حرج. وكلنا في الهم سواء، والمؤسسات والهيئات والمصالح الحكومية جميعها، وأكرر جميعها، تشترك ــ كل حسب قدرها ــ في تلك المأساة، حتى باتت جهات حكومية بعينها نموذجا لما يسمى بالبيروقراطية والروتين، والإهمال والتقصير، ولو كانت شهادات الآيزو (الجودة) تمنح للمقصرين، لحصلت عليها الإدارات الحكومية الجماهيرية، أي المعنية بقضاء مصالح الجمهور في ربوع بلادنا. وهذا له مردود سلبي للغاية على المواطنين والمقيمين، إذا فيه تعطيل لمصالح العباد وإهدار للوقت، فقد يضطر المراجع لترك عمله عدة مرات لإنهاء معاملة له في إحدى الهيئات، ومن ثم يسهم ــ دون قصد منه ــ وتحت إملاءات الضرورة في تعطيل ما عنده من معاملات المواطنين. كما يؤدي هذا التقصير والإهمال في العمل إلى رسم صورة سيئة وسلبية للموظف السعودي العامل معه في نفس المجال، أو حتى في دول أخرى. كلنا يدرك إهمال الموظفين وتقصيرهم، ومع هذا تتم ترقية كل موظف ويمنح العلاوات والمكافآت والحوافز والألقاب، الأمر الذي يزرع اليأس والاحباط في نفوس القلة التي تفكر في الإخلاص في عملها وأداء واجباتها على النحو المطلوب. فلماذا أعمل والنتيجة واحدة؟ الكل يرقى في نهاية العام وأصبح تقدير(ممتاز) هو التقدير الشعبي الشائع بين الموظفين، حتى لو حصل أحدهم على (جيد جدا) لاعتبر ذلك كارثة ومصيبة. لذلك، لدي اقتراح قد يغضب الموظفين مني ويثير حفيظتهم، ولكني بعد أن عانيت من طبقة الموظفين المقصرين، لا بد أن أطرح هذا الاقتراح، وسأقبل التحدي، فيعلم الله أنني ما أريد إلا الإصلاح ما استطعت. فمن أجل قضاء حاجات خلق الله، ومن أجل راحة المواطن، اقترح ألا تكون هناك وظيفة دائمة يلتصق بها الموظف، أجاد أم قصر، أحسن أم أساء، اجتهد أم أهمل، وإنما يتم التعاقد سنويا مع موظف من قبل الحكومة، ويجدد تعاقده حسب إنتاجه الوظيفي خلال العام المنصرم، ويسرح المهمل وجع الرأس للمواطن وللجهة الحكومية ولسمعة الوطن، وتقدر حجم الزيادة أو العلاوة أو المكافأة على قدر هذه الإنجازات، فلو فرضنا إنجازه لنسبة 70% مما أوكل إليه من أعمال يمنح 70% من قدر المكافأة أو العلاوة المقررة لوظيفته، ومن متممات هذا الاقتراح أن لا ترتبط الترقية أو تجديد العقد بنسبة الحضور، فكم من موظفين يجلسون على المكاتب، يذبحون أوقاتهم في أحاديث الجوال، وجدال الرياضة، وربما غفوات النوم والراحة. على الدولة أن تمنح المجتهدين والمتميزين من الموظفين مزايا تكفل لهم سبل الراحة والمعيشة المستقرة. إن سياسة الدورات لا تحقق الآمال المرجوة من سلوكيات الموظف، والأجدى ــ في اعتقادي ــ أن تنهج سياسة (الريالات)، فيكافأ المجتهد، ويعاقب الكسول، إن المشكلة تكمن فيما ترشح في أعماق الموظف من اعتقاد بأنه مستمر في عمله ووظيفته، أنجز أم لم ينجز، اجتهد أم تقاعس، أخلص أم خان أمانة الوظيفة التي هي عقد شرعي بينه وبين جهة عمله، وقد أمرنا الله تعالى بالوفاء بالعقود.