مثلت الرواية السعودية دافعاً هاماً عند طلاب وطالبات الدراسات العليا في الجامعات السعودية، ولوفرة الرواية المحلية في السنوات الماضية خلق لدى الباحثين رغبة ملحة لدراسة بنائها ومضامينها وتقنياتها السردية وشخوصها، فاستقبلت المكتبة السعودية جمهرة من الدراسات العلمية التي تحاورت مع هذه النصوص الروائية في مختبر النقد بمناهج علمية وباشراف نخبة من الأكاديميين المتخصصين. ومن هذا المنطلق جاءت دراسة علمية للباحثة الدكتورة مهاس السحيباني حملت عنوان "التقنيات السردية في الرواية السعودية المعاصرة" من عام 1410 – 1420ه الصادرة عن نادي الرياض الأدبي الثقافي، حيث عكفت الباحثة على الوقوف لدى هذه المرحلة لدراستها دراسة فنية تجلي سماتها وخصائصها. تقول السحيباني في ملطع تقديمها للكتاب: مما شجعني على اختيار هذا الموضوع جدَّته – فيما أعلم – بحيث لم أجد دراسة منهجية سبقتني إليه وسبب آخر يكمن في الشعور بمسؤولية النقد التي ينبغي أن تقوم بدورها في إضاءة الطريق أمام الروائي، كي يكتب أشكالاً حديثة ذات اتجاهات تحمل رؤى جديدة وصيغاً بديلة تؤكد هويتنا الفنية، ومن ثم تضيف إلى الساحة الثقافية بصفة عامة والأدبية بصفة خاصة تعريفاً بتلك الأشكال الروائية الجديدة وتسهم في ارتقاء هذا الفن الأدبي. وقد جاء الكتاب في 655 صفحة شملت ثلاثة فصول وخاتمة، وقبل ذلك طرحت الباحثة تمهيداً حول مفهوم السرد وأنماطه وأساليبه، ثم بنت الفصل الأول عن الرؤية السردية برؤاها الخارجية والداخلية والثنائية والمتعددة، في حين ضم الفصل الثاني بنية الزمن السردي موضحة تقنيات المفارقة السردية وتقنية الحركة السردية من حيث تقنيات تسريع السرد وتقنية الحذف وتقنية المشهد خارجياً وداخلياً عبر تقنية المنولوج مع ذكر وظيفة الاستهلاك والاختتام كما توقفت عند تقنية الوقفة الوصفية ووظائفها وحالاتها ومحفزاتها. أما الفصل الثالث فقد عالجت فيه بنية اللغة السردية متطرقة للغة الفصحى واللهجة العامية والجمع بينهما، ثم عرجت نحو الأخطار اللغوية وكذلك صارت لها وقفة عند التعالق النصي من حيث التناص من التراث الديني وتوظيف الموروث الشعبي وتوظيف التراث الأدبي من شعر وأمثال وأساطير والمعارضة الأدبية حتى وصلت إلى التناص الذاتي فالخاتمة التي ضمت طائفة من النتائج الهامة.