×
محافظة المنطقة الشرقية

ترقية الحارثي للمرتبة الثالثة عشرة

صورة الخبر

رؤى المعتادة الذهاب يومياً إلى المجمع التجاري، غيّرت عادتها. «لم أعد أذهب إلا عند الضرورة»، تقول. كثيرات مثلها يلتزمن منازلهن تحسباً في ضوء المخاوف المتزايدة في لبنان من التفجيرات. حيثما تتجوّل في مولات بيروت وضواحيها هذه الأيام، تلفتك خصوصاً الحركة الخفيفة. وعندما تطرح السؤال، يجيبك الجميع بأن الإقبال على المجمعات التجارية تراجع قرابة 70 في المئة. أما السبب فمعروف: الخوف من التفجيرات، الذي فاقمته الإشاعات المتزايدة. أسواق بيروت هجرها روادها الذين كان عددهم انخفض أصلاً، فبين التفجيرات الإرهابية والإشاعات ذات الطابع الأمني، صار اللبناني مكبّلاً في حركته. وزاد من ميله الى الحذر، ازدياد الأخبار عن تفكيك عبوة هنا واشتباه بسيارة هناك، فيما تتوسع التدابير الأمنية المشددة لتطاول المواقع التي يمكن أن تكون عرضة للإستهداف. وفي هذه الظروف، تحوّل السؤال عن مكان «الشوبينغ» في المولات إلى دعابة. الجميع ميال الى التزام المنزل، بانتظار معرفة مكان الإنفجار المقبل. هذا الواقع انعكس سلباً على حركة الأسواق، وحوّل المراكز التجاريّة ميادين شبه فارغة في بعض الأوقات. يعمل حارس الأمن عند مدخل مركز «أ ب س» التجاري في الضبية (المتن الشمالي) على تمرير آلة عالية التقنيّة بدأ حراس الأمن استخدامها منذ بدء مسلسل التفجيرات، تتمكن من معرفة ما إذا كانت السيارة تحتوي على جسم غريب. يقف حارس إضافي لفتح الصندوق إذا لزم الأمر، فيما تكشف الآلة المستخدمة ماهية الأشياء التي تحملها السيارة، «من قارورة العطر الى البندقية»، كما يقول احد الحراس. وتحيط بالمركز الذي يتضمّن 4 مواقف للسيارات، شرائط صفر تمنع وقوف السيارات في غير الأماكن المخصصة لها. يسير حارسان بين السيارات طوال الليل والنهار لمراقبة السيارات المركونة في المواقف، فيما يرابط اثنان من زملائهما على مدخل كل موقف. ويؤكد مسؤول الأمن في «مول أ ب س» عمر الخرفان ان «الأمن هنا منظّم بشكل حازم». ويقول: «هناك إشاعات كثيرة يطلقها بعض أصحاب المحال التجارية لمصالحهم الخاصّة مثلاً، ولكن لا نستطيع حسم موضوع الاخلال بالأمن في ظل تفجيرات تستهدف مدنيين». وتحار ربى العاملة في أحد محال الأكسسوارات في المركز منذ 3 سنوات، في أمرها وتقول: «إذا سمعت نصيحة والدتي وبقيت في المنزل، كيف سأعيل نفسي وأجمع قسط جامعتي؟ جميعنا مجبر على العمل على رغم معرفتنا اننا مهددون وقد نفقد حياتنا بين لحظة وأخرى». ويكشف جوزيف الدبس صاحب مطعم في المركز أن «نسبة الاشغال انخفضت 70 في المئة في اليومين الماضيين نتيجة تخوف المواطنين من الوضع»، ولا يخفي خشيته من حصول تفجير. وتترك إحدى العاملات في محل للألبسة النسائية، الجالسة خلف الكنتوار قدرها «على الله»، فيما يسرع ربيع أحد قاصدي المركز في شراء حاجته لكي لا يبقى طويلاً في المركز». ظاهرة السيارات المفخخة خلّفت حالاً من الخوف لدى مديري المراكز التجارية، فعزّز مركز «لو مول» عدد حراس الأمن حول المبنى. اثنان يراقبان السيارات المارة أمام المركز على الاوتوستراد ويمنعان أياً منها من الوقوف «حتى دقيقة واحدة». حارس ثالث يتفحّص بواسطة آلة حقائب قاصدي المركز من الباب الرئيسي. أما عند مدخل الموقف فيقف ثلاثة شبان يتفحص أحدهم السيارة بآلة أيضاً، يرفض أحد مديري المركز اعطاء معلومات عنها «خشية من خرق لأمن المركز». ويقول: «الماكينة المستخدمة هي نفسها التي تتفحّص السيارات في وزارة الدفاع وحتى حرّاس الأمن لا يعرفون تفاصيلها». وتقدّم الهاجس الأمني على ما عداه في نشاط كثير من البلديات. بلديّة الشيّاح-عين الرمانة مثلاً اضطرت لاتخاذ سلسلة من الإجراءات الأمنية المشددة في شوارع منطقتها «باعتبارها منطقة حساسة لوجودها على تخوم ضاحية بيروت الجنوبية». ويؤكّد مصدر في بلدية الشيّاح أن «السبب الرئيس لاتخاذها هذه الإجراءات هو نزوح العائلات السورية من ضاحية بيروت الجنوبية إليها بعد التفجير الذي حصل في الرويس لتجنب الحواجز التي تقام في الضاحية». ويشدد على أن «الجيش اللبناني ينتشر في المنطقة ويشدد حواجزه المتنقلة على المداخل الرئيسة. أما في الشوارع السكنية فزدنا عدد عناصر شرطة البلدية لمراقبة أكثر فعاليّة وفور ملاحظتهم أي حركة غريبة يبلغون القوى الأمنية»، لافتاً إلى «مشروع زرع كاميرات مراقبة قد ينفّذ في أي لحظة على مداخل المنطقة ونقاط التجمعات وتقاطع الطرقات... لكن هذا المشروع يسهّل سير التحقيقات فقط بعد حصول الكارثة». ويقول: «حادثة إطلاق الصوارخ في أيار (مايو) الماضي أجبرتنا في البداية على تكثيف إجراءاتنا الأمنية في الشوارع والاحياء». وعن توقيف مواطنين غير لبنانيين في المنطقة قبل أسبوع، يلفت المصدر نفسه إلى أنها «حادثة عابرة ولا يزالون موقوفين والجيش يتابع التحقيقات معهم»، مبدياً استغرابه لدخولهما المنطقة. ويقول: «كانا يحملان خريطة لبنان السياحية ولكن تواجدهما في المنطقة شكّل علامة استفهام كبيرة»، مضيفاً: «الوضع مضبوط». ويأسف لـ «إلغاء المجلس البلدي المهرجان السنوي الذي كان مقرراً في 7 و 8 أيلول (سبتمبر) المقبل للوقوف إلى جانب أهالي الضحايا وتجنباً لأي حادث محتمل». شرائط صفر كتب عليها «بلدية فرن الشباك» تلفّ السوق الشعبي في منطقتها الذي يمتد قرابة 3 كيلومترات. ويشرح رئيس البلدية ريمون سمعان: «يرتاد سوق فرن الشباك غرباء، ولا يمكن التساهل في ترك السيارات تركن هنا، في حين لا يمكن التدقيق فيها كلها». ويؤكد سمعان اتخاذ البلدية إجراءات أمنيّة لم يشهدها السوق من قبل، ويؤكد أن «أمن المواطنين هو أولوية قبل الوضع المعيشي». ويقول: «في الأيام القليلة المقبلة سنقوم بحراسة الكنائس عدا عن تسيير شرطة البلدية دوريات أثناء الليل، فيما الكاميرات مزروعة منذ 3 سنوات». بلديتا الشياح وفرن الشباك ليستا الوحيدتين اللتين تتخذان تدابير أمنية، بل تجمع كل البلديات على ضرورة اتّخاذ تدابير احترازية قادرة على صد أي محاولة للاخلال بالأمن. ويبقى على بعض أفراد المناطق الشعبية الاتكال على أنفسهم في حفظ الأمن فيكتبون على ورقة تلصق على أحد الجدران: «ممنوع الوقوف إلا لسكان المنطقة وترك الاسم ورقم الهاتف بشكل ظاهر وإلا ستكون تحت طائلة الاشتباه بها».