تزداد الآمال مع بدء العد التنازلي لانتهاء مهلة الأسابيع الخمسة التي حددتها خارطة طريق اتفاق غزة بأن تأتي حكومة التوافق الوطني في أسرع وقت ممكن وأن تضم وزراء قادرين على الاضطلاع بمسؤولية المرحلة الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية في الوقت الراهن وإدارة دفة القضية نحو الخطوة التالية في خريطة الطريق الفلسطينية التي نص عليها الاتفاق بحيث تتم الاستحقاقات الفلسطينية بنفس الوتيرة التي تتم فيها استحقاقات خريطة الطريق المصرية التي تبدأ اليوم خطوتها الثانية بالانتخابات الرئاسية في العبور بمصر إلى دولة القانون والنظام والأمن والأمان والاستقرار القادرة على صنع المستقبل وتحقيق آمال الشعب وطموحاته في الحياة الحرة الكريمة. كم أتمنى أن تضم حكومة التوافق الوطني التي ينتظر الشعب الفلسطيني تشكيلها بفارغ الصبر ممثلين عن كافة أطياف الشعب الفلسطيني وليس فقط فتح وحماس ، وأن تضم أيضًا وزراء من المنافي، وأن لا يكون فيها وزير واحد يمت بصلة قرابة إلى القيادات التاريخية لفتح أو حماس أو غيرهما ، وأن تستحق مسمى حكومة كفاءات وطنية تكون مهمتها بالدرجة الأولى تبني مشروع وطني فلسطيني عاجل للإصلاح والتطوير ، بعد أن أصبحت ظاهرة الفساد تشكل العقبة الرئيسة أمام مسيرة النضال الفلسطيني التي عطلتها سنوات الانقسام . وكم كنت أتمنى أن تكون الخطوة الأولى في خريطة الطريق إقرار دستور فلسطيني ليكون بديلاً للقانون الأساسي ، فحسب علمي هناك مسودة لدستور فلسطيني قابعة في مكاتب السلطة الفلسطينية منذ قرابة سبع سنوات ، وكان المفترض تفعيلها بإقرار الدستور الفلسطيني كخطوة أولى بعد الاعتراف الذي حصلت عليه فلسطين من الأمم المتحدة كدولة غير عضو . من وجهة نظري فإن الخارجية تشكل الوزارة الأهم في أي حكومة فلسطينية جديدة ، فهذه الوزارة هي الواجهة الفلسطينية أمام العالم ، وهي الجسر السياسي والدبلوماسي والإعلامي الذي تعبر منه القضية إلى دول العالم ، بما يتطلبه ذلك من عناية فائقة ودقة في اختيار الكوادر ليس فقط السفراء والقناصل ، وإنما كافة العاملين ، بحيث لا يترك المجال لأي عنصر تصدر منه أي مخالفة مالية أو أي تقصير في خدمة الجالية في البقاء في منصبه . وأذكر على سبيل المثال أكثر من رئيس وزراء إسرائيلي حوكم بسبب احتفاظه بهدايا قدمت له أو لزوجته عندما كان يعمل سفيرًا في واشنطن ، وأعتقد أن سفراء وقناصل فلسطين أحرى بالالتزام بهذا المبدأ . كما أن الرواتب والبدلات المبالغ فيها التي يتقاضاها الدبلوماسيون الفلسطينيون في الخارج تحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر لاسيما في ظل الحقيقة بأن الاقتصاد الفلسطيني يقوم بالدرجة الأساس على أموال الدول المانحة بما يتطلبه ذلك من تقنين في المصروفات وترشيد في الإنفاق الحكومي. الحالة الفلسطينية بعامة تحتاج إلى مثلث إصلاحي وضعته المصالحة في الواجهة : التغيير – التطوير – الإصلاح ، ويمكن أن تكون حكومة التوافق التي تدخل الآن مرحلة المخاض الخطوة الأولى في مسيرة التخلص من الفساد المالي والإداري برموزه المقيتة : الواسطة - المحسوبية -سرقة المال العام - ووراثة المناصب القيادية - التي ساهمت جميعها في تراجع القضية .