قال الشيخ عبدالله المناعي في خطبة الجمعة: من الأعمال الصالحة في هذه الأيام ومع قرب دخول العشر من ذي الحجة وما بينه النبي صلى الله عليه واله وسلم في قوله : «فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير»، ولذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم يذكرون الله في عشر ذي الحجة حتى في الأسواق وحينما يلقى بعضهم بعضا يكبرون (الله اكبر الله اكبر) حتى يرتج السوق بالتكبير، وكذلك فإن الصدقة هذه الايام يضاعف فيها الثواب وكذلك صيام التسعة أيام الاول من ذي الحجة واوكدها صيام يوم عرفة الذي قال عنه النبي صلى الله عليه واله وسلم: (صيام يوم عرفة احتسب على الله تعالى ان يكفر ذنوب سنتين سنة قبله وسنة بعده)، وايضا يستحب في هذه الايام التواصل بين الناس بعضها وبعض وخصوصا المرضى والأقارب والجيران والإحسان إليهم وعدم ظلمهم. ما يمتنع عنه المسلم في هذه الايام: جاء عن أم سلمة رضي الله عنها في صحيح مسلم : «أنه إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من أشعاره ولا من أظفاره شيئا»، وأخذ الحنابلة من هذا أنه لا يؤخذ من الشعر ولا من الاظافر واعتبر هذا كله من التشبه بالمحرم أيام الحج. لماذا فضل الله هذه الأيام؟ عملية التفضيل والتخصيص والاجتباء هذه شأن إلهي فإن الله سبحانه وتعالى من شأنه أن يفضل بعض الايام على بعض وبعض الشهور على بعض وبعض الساعات في الليل والنهار على بعض كما فضل بعض الاماكن على بعض، كما فضل المساجد الثلاثة المسجد الحرام على المساجد الاخرى وفضل المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الاقصى على سائر المساجد في العالم ولا تشد الرحال الا الى هذه المساجد الثلاثة، وجعل الصلاة في المسجد الحرام بـ100 الف صلاة فيما عداه من المساجد الا في المسجد النبوي والصلاة فيه بـ1000 صلاة والمسجد الاقصى والصلاة فيه بـ500 صلاة كما فضل مكة والمدينة على سائر البقاع، هذا من تفضيل الاماكن. وهناك تفضيل للاشخاص كما فضل النبيين على سائر البشر وفضل النبيين بعضهم على بعض: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات) (البقره:253)، فالله من شأنه ان يفضل ويختار ويختص كما قال تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) (القصص:68)، فهو سبحانه يختار من الاماكن ويختار من الايام ما شاء عز وجل لأسرار وهو سبحانه يبين لنا احيانا سر هذا الاختيار لماذا فضل شهر رمضان على غيره؟ لانه أنزل فيه القرآن: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (البقرة:185) ولماذا فضل ليلة القدر على غيرها؟ لانه خصها بنزول القرآن فيها دون سائر ايام رمضان قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (القدر:1). هذه الايام المباركة ومع قرب دخول ايام عشر ذي الحجة هي ايام فضلها الله تعالى لأن شهر ذي الحجة من الاشهر الحرم والاشهر الحرم مفضلة عند الله سبحانه وتعالى على سائر الاشهر كما قال تعالى: «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والارض منها اربعة حرم» (التوبة:36)، والاشهر الحرم هي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب فهذه الاشهر الحرم مفضلة عند الله، قال سبحانه وتعالى: «ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم» (التوبة:36) فظلم النفس محرم في سائر الشهور ولكن في هذه الاشهر أوجب. وأضاف: إن وحدة المسلمين وبث روح الجسد الواحد في هذه الامة هو الهدف الاسمى للحج ولو ان هذا الهدف تحقق لتغيرت الامة من حالة الذلة والفوضى والتشتت الى قيادة العالم أجمع. فحجاج بيت الله ولاة وافرادا طريق الى قوتها ونصرها فالوحدة والمودة والاخوة سبب القوة قال تعالى: «واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا» (آل عمران:103). الاتحاد قوة والتفرق ضعف، فالوحدة تعني القوة التي تؤدي الى النصر وان الفرقة تعني الضعف الذي يؤدي الى الهزيمة والبوار، وهذا غيض من فيض وكتب التاريخ امتلأت بالأمثلة، والواقع يثبت ان فرقة الامة الى احزاب وشيع سبب في هزيمتها وتمزيق وحدتها. وما يجري على ارض الشام واليمن وفلسطين والعراق من تقتيل وتدمير وحرب، فما ذاك وغيره الا من فرقة الامة وضياع وحدتها ولعلنا نذكر هذا المثال الذي كنا نتعلمه ونحن صغار حينما جمع حكيم اولاده وأتى بحزمة من حطب وطلب من كل واحد منهم ان يكسر هذه الحزمة فلم يقدروا على ذلك، فلما فكها وجعلها عودا عودا استطاع الاولاد ان يكسروها، وفهم الاولاد الدرس فهل تفهمه هذه الامة؟