"مصر تتسول" عبارة صادمة بلا شك .. تُزعج كل مصري بل وكل مُحب لمصر. لذا أعجبني موقف المرشح الرئاسي في الانتخابات المصرية المشير عبدالفتاح السيسي عندما رفض هذا اللفظ، وخاطب قائله قائلاً: "من فضلك متقولش مصر تتسول". ورغم أن الرجل سبق وأن أكد في لقاء تلفزيوني، أن دول الخليج ساعدت مصر بما يفوق عشرين مليار دولار خلال الثلاث سنوات السابقة، إلا أنه أوضح أنه لا يليق لأحد أن يستخدم هذا التعبير مُطلقاً، فالعلاقات بين الدول لا يُستخدم فيها مثل هذه المصطلحات، ضارباً المثل بدول أوربا بعد الحرب العالمية الثانية ومشروع مارشال الذي جاء لينتشل الدول الأوربية من أوضاع ما بعد الحرب، فالمشروع لم يكن تسولاً، بل جاء لترسيخ السلم والأمن العالميين لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. *** هذا الموقف الذي يُمثل كبرياء الشخصية المصرية يدعوني إلي بحث مسألة الدعم المالي لمصر الذي كنت من أوائل من طالب به حيث أكدت في مقال في المدينة بعنوان: (مصر ودول الخليج)، الأحد 10/04/2011. إن أمن مصر يهم دول الخليج، خاصة وأن مصر الثورة أكدت أن منطقة الخليج العربي تمثل عمقاً استراتيجياً أساسياً للأمن القومي المصري، وأن عروبة الخليج واستقراره وأمنه، كما أكد مسؤولون مصريون «خط أحمر، ويمثل التزاماً قومياً بالنسبة لمصر»، وهو ما رأيت أنه يضع على دول الخليج ثقلاً لدعم أمن واستقرار مصر، وذلك من خلال مبادرة خليجية لدعم المقدرات المصرية في مرحلة التحول المهمة التي تخوضها مصر .. فقوة مصر هي قوة للعرب. *** رغم هذا فإنني كنت أرجو أن يأتي الدعم الخليجي من خلال خطة شاملة مدروسة لدعم الاقتصاد المصري، وليس من خلال مبالغ مالية لمواجهة احتياجات آنية لا تؤسس لبناء دائم، وهو ما يدعوني لإعادة طرح اقتراح أثرته أكثر من مرة، منها مقال في المدينة بعنوان: (مصر والسعودية والمستقبل)، الأحد 06/05/2012، فقد رأيت إن هناك حاجة لتعزيز التعاون الإقليمي بين الدول العربية ذات الفوائض المالية وتلك التي تحتاج الى تدفق للاستثمارات. واقترحت أن تقود المملكة مشروعاً خليجياً لمساعدة الدول العربية التي تأثرت اقتصادياً ومالياً، ويكون هذا المشروع على غرار مشروع "مارشال" الأمريكي. وقد رأيت، وأعيد التأكيد هنا، بأن هذا المشروع لا ينبغي أن يكون منحة أو مساعدة غير مستردة، بل قروض طويلة الأجل تستردها الدول المانحة، أي أنها شراكة يستفيد منها الدول المانحة والدول المستفيدة. *** ما أود أن أزيده هنا هو توسيع هذا الاقتراح ليشمل مساعدات دولية، ليس فقط لمصر ولكن لدول "الربيع" العربي تشمل إعادة إعمار تلك الدول ليس اقتصادياً فقط بل وعلى كل المستويات بما فيها السياسية يؤكد فيها على أسس الحياة السياسية الجديدة التي تحقق الحرية والمساواة والعدالة .. والأمن الاقتصادي. ولابد من إعادة التأكيد على أن مستقبل مصر بعد الثورة ليست مسألة مصرية خالصة بل هي قضية تهم كل دول المنطقة بل ودول العالم المهتمة بالأمن والسلم العالميين. •نافذة صغيرة: [[لقد تجلّت مصر الكريمة المضيافة عظيمة بمليكها وقادتها وشعبها، عزيزة بنهضتها، قوية بجيشها وما جيش مصر إلا جيش العرب (...) كلانا – والحمد لله – موقن بأن القوة في وحدة الكلمة، وأن الأخ درع لأخيه، فإن تآخينا من شأنه أن يوثق عرى التآخي بين شعبينا، وما شك أحدنا في أن مصلحة البلدين تقضى بوحدة اتجاههما السياسي ووحدة السبيل الذي يسلكانه في منهاجهما الدولي، ذلك مبدؤنا ومبدأ شعبنا يتوارثه الأبناء، ويبقى – إن شاء الله – على وجه الدهر بهذه الروح.]] رسالة الملك عبد العزيز آل سعود إلى الملك فاروق، 22 يناير 1946 nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain