نشرت صحيفة المدينة الخميس الماضي (22/5/2014) تحقيقاً مطولاً حول عزم وزارة العدل استحداث مجلس أعلى للأسرة. ومضت تفصل فيه متفردة بهذا التحقيق الذي يعيد إلى الواجهة موضوع الحاجة إلى مجلس أعلى للأسرة يتولى توحيد الجهود المتصلة بالمرأة وحقوقها، وإيجاد المرجعية النظامية لذلك. وتعيد المدينة (جابر المالكي) هذا الموضوع اليوم بعد مرور عامين على ملتقى (القضايا الأسرية في المحاكم الشرعية رؤية مستقبلية) الذي عقد في أبريل 2012، حيث كانت أولى التوصيات التي دعت إليها وزارة العدل وبرعاية من معالي الوزير ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى بالشراكة مع جمعية مودة الخيرية للحد من الطلاق وآثاره ومؤسسة الملك خالد الخيرية ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية وجمعية النهضة النسائية وبرنامج الأمان الاسري الوطني وعدد من الباحثين والباحثات في قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود، هي تأسيس هذا المجلس لهذه الأسباب وبهذه الصورة: "إنشاء مجلس أعلى للأسرة في المملكة من أجل توحيد الجهود وإيجاد مرجعية نظامية تعنى بالبرامج التوعوية والعلاجية والتنموية التي تستهدف الأسرة وأفرادها في المجتمع السعودي". ومنذ ذاك الوقت تمت بعض الخطوات في اتجاه إشراك المرأة في العمل القضائي لكنها لم تصل إلى مجلس الأسرة، وفي الواقع فإن الخطوات بطيئة جداً. وقد أحسنت المدينة بإثارته وربطه بال 350 وظيفة النسائية التي اعتمدتها وزارة العدل لأول مرة من خلال قسم نسوي مستقل في الوزارة لمساعدة المرأة قانونياً ونظامياً. وقد أثيرت هذه التوصيات مرة أخرى في أسئلة مجلس الشورى أثناء عرض تقرير وزارة العدل في يناير 2014، لكن الوزارة لم تستطع التقدم إلا بمشروع إقرار البصمة لتغني عن المعرف المعوق لحقوق المرأة، مع أن إقرار البصمة كما نعلم لا يعني في جوهره حل مشكلة هوية المرأة والاعتراف بها وإنما خلق آلية إضافية للتحقق من هويتها. وأقر السماح للمرأة بالتقاضي في المحاكم، وهذه أيضاً خطوة مهمة تحسب للوزارة وإن تأخرت. كما صدر قرار وزاري بإنشاء مكاتب للخدمة الاجتماعية في جميع محاكم المملكة للقيام بدراسة المشكلات الأسرية والاجتماعية وتقديم المشورة المتخصصة لأصحاب الفضيلة القضاة في جميع القضايا الاجتماعية والأسرية التي ترد للمحاكم. لكن كما نعلم فإن غالبية هذه القرارات ما زالت في صدد التنفيذ ولم تنفذ بشكلها الكامل بعد. وبالعودة إلى المجلس الأعلى للأسرة، فإن هذا مشروع ومقترح تعود المطالبة به إلى أوائل الألفية إن لم تسبقها. وقد سبق ونشرت هذا المطلب المقدم من أكثر من ثلاثمئة سيدة سعودية في مقال نشرته الاقتصادية في (3/1/2006) (إنشاء مجلس أعلى للمرأة مرتبط بالمقام السامي يكون حلقة الوصل بين المجتمع النسائي وإدارات الدولة، يشرف على تطبيق قرارات الدولة الخاصة بالمرأة، ويشارك في شؤون الدولة في ضوء التطورات الحديثة واستناداً إلى النصوص الشرعية المثبتة) وإن كنا آنذاك نربط تأسيس مجلس كهذا بالمقام السامي مباشرة لتفادي البيروقراطية المعهودة لاسيما عندما تتناول القضية "نساء". ثم تُقره الوزارة في توصيتها من عامين، ومرة أخرى أمام مجلس الشورى حيث أوضحت أنها قامت بوضع دراسة لإنشاء وكالة في وزارة العدل تسمى (وكالة الوزارة لشؤون الأسرة)، وقد تم الرفع بهذا المقترح للمقام السامي لإقراره، وقد تم الرد من قبل لجنة الوزارة أو (اللجنة الوزارية) في مجلس الوزراء بأهمية هذا المشروع، وتم توجيه الوزارة بدراسة إمكانية تضمينه في هيكل الوزارة النهائي، والذي سوف يرفع به منتصف العام القادم. وهذه أخبار تسر، فربط فكرة المجلس بوزارة العدل قد يكون خطوة أولية كوكالة لكن هذا لن يغني عن الحاجة لمجلس أعلى للأسرة يوازي المؤسسات والمجالس المماثلة في دول الخليج الأخرى والتي تعد المرجع النظامي لكل ما يتعلق بشؤون الأسرة وقوانينها وأنظمتها ومشاكلها واحتياجاتها داخلياً وخارجياً. فالأنظمة المتعلقة بالمرأة تتوزعها حالياً الوزارات بشكل يحمل كثيراً من الأحيان التناقض والتضارب ويترك المرأة دوماً في حالة من الحاجة والضعف. وغني عن التذكير بضرورة أن يتكون هذا المجلس سواء على المستوى العالي، أو الوزاري بمشاركة النساء الكفؤات المتخصصات في الشؤون الاجتماعية/ الاقتصادية/ القانونية/ التربوية الخاصة بالمرأة وأن تمنح لها الصلاحيات الموازية للمجالس المماثلة والمبنية على الخبرة لا على المعرفة العائلية.