في مثل هذا الموسم من كل عام يتكرر المشهد، حيث ينطلق سباق «ماراثون» عشوائي من كل بيت في بحث محموم عن مراكز يودِعون فيها أبناءهم مطمئنين غير آبهين بنوعية ما يقدم لهم ومتجاهلين التطور الذي حصل على شخصية هذا الجيل، فلم يعد مقتنعاً بالأساليب التقليدية ولا بالأدوات التي يعتمد عليها العاملون في هذه المراكز مما تسبب في نفور كثير من أبنائنا منها، والواقع أن الحق معهم، فحين يخرج الطفل من بيته ويضحي بوقت ثمين من إجازته المنتظرة فإنه يأمل أن يجد ما هو أفضل وأكثر تشويقاً ومتعة، لكن ما إن يلتحق بأحد هذه المراكز حتى يدبّ فيه الملل ويعاني من الإحباط، وهنا تبدأ معركة من نوع آخر مع والديه وذلك عندما يرفض الذهاب. في السنوات الماضية كانت فكرة المراكز الصيفية في بداياتها ولم يكن للأهل أو الأبناء شروط، فكانت المراكز تعمل على البركة كما يقولون، وكان ما يقدم لا يتجاوز حفظ آيات من القرآن الكريم وبعض الأحاديث الشريفة التي تشتمل على توجيهات سلوكية وتعليم بعض السنن النبوية، بالإضافة إلى أعمال فنية بسيطة دون اهتمام بنوعية الفكرة أو إتقان المنتج. إن أبناءنا اليوم في حاجة ماسة لأماكن ترويحية تراعي حاجاتهم النفسية وتستثمر وقت فراغهم في تطوير مهاراتهم وبناء شخصياتهم بعيداً عن أجواء التعليم التقليدية التي تسببت في انحسار مظاهر الإبداع والتميز لديهم. الإجازة تعني الفرح الخلَّاق والمتع البريئة، لذا فإننا في حاجة لمسرح يُمتع الأبناء ويصقل مواهبهم، إلى دور سينما مرشَّدة وملاعب ونوادٍ مزودة ببرامج وفعاليات تحترم عقولهم وتحقق لهم بعض تطلعاتهم. ختاماً، أهمس في أذن كل أم وأب ألا تشعروا أبناءكم بأنهم أصبحوا ثقلاً عليكم في الصيف!!