لندن: جمال الدين طالب يحتدم الجدل في بريطانيا حول تحذيرات من مخاطر تشكل فقاعة جديدة في سوق الإسكان مع الارتفاع «الجنوني» الذي تعرفه أسعار المساكن، حيث ارتفعت في لندن وحدها بأكثر من 16 في المائة خلال عام حتى أبريل (نيسان) الماضي، بينما زادت بنحو خمسة في المائة في عموم بريطانيا. وبحسب تقرير لموقع «رايت موف» العقاري فإن متوسط سعر المساكن في بريطانيا زاد بمبلغ يقارب العشرة آلاف جنيه إسترليني (نحو 16 ألف دولار أميركي) في شهر أبريل الماضي وحده، وهو أعلى ارتفاع شهري سجل في تاريخ بريطانيا. وتقود العاصمة لندن الارتفاعات القياسية. واللافت أن الصعود «الجنوني» فيها لم يعد يقتصر على الأحياء الراقية في وسطها وذلك بسبب إقبال المستثمرين الأجانب عليها، ومن بينهم العرب، إنما امتد إلى ما يعتبر أفقر منطقة فيها وهي تاورهاملتن، حيث قفزت الأسعار المطلوبة لشراء المساكن في المنطقة بنسبة فاقت 43 في المائة. وفي أقوى تحذير لمخاطر ارتفاع الأسعار على الانتعاش الاقتصادي، واحتمال حتى تسبب هذا الصعود القياسي في جر الاقتصاد إلى أزمة مالية جديدة مماثلة لأزمة 2008، أكد محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) مارك كارني في حوار تلفزيوني في قناة «سكاي نيوز» أول من أمس «أن سوق الإسكان في بريطانيا تعاني من مشكلات هيكلية عميقة» وأن الارتفاع القياسي في أسعار المساكن يهدد بتشكيل فقاعة عقارية، قد يكون لها خطر على الاستقرار المالي. وقد تصدرت تحذيرات كارني وسائل الإعلام البريطانية خلال اليومين الماضيين، وإن كان ذلك ليس مفاجئا طبعا بالنظر للاهتمام بالعقارات في بريطانيا، يعترف سكانها بأنه أشبه بهوس يتحكم بالشعور الجمعي فيها، وتعبر عنه المقولة الشعبية المتداولة «مسكن الإنجليزي هو قلعته». وقد حذر كارني بشكل خاص من مخاطر برنامج حكومي لدعم المساكن يسمح بشراء مساكن بمقدم بنسبة خمسة في المائة فقط واعتبره أحد أبرز أسباب ارتفاع أسعار المساكن. وفي اتصال من «الشرق الأوسط» أكد متحدث باسم وزارة الخزانة البريطانية أن لا تعليق للوزارة على تحذيرات محافظ بنك إنجلترا، وأحال في المقابل على تصريحات سابقة لوزير الخزانة البريطانية جورج أوزبورن أكد فيها الوزير أنه «أعطى بنك إنجلترا أدوات التدخل في سوق الإسكان لضمان الاستقرار الاقتصادي». وكان كارني أكد في وقت سابق أن بنك إنجلترا سيسعى لاتخاذ إجراءات لفرض مزيد من السيطرة على الإقراض العقاري قبل أن يلجأ لرفع أسعار الفائدة وهو ما قد يضر بالتعافي الاقتصادي. وقال كارني إن البنك سيراجع إجراءات الإقراض «حتى يتمكن الناس من الحصول على قروض عقارية تناسب إمكانياتهم». وقال إن بنك إنجلترا يدرس إمكانية التوصية بأن تتخذ البنوك مزيدا من الإجراءات لتقليص حجم الرهن العقاري بناء على مستويات دخل المقترضين وهي خطوة مثيرة للجدل قد تؤثر على الراغبين في شراء منزل. وأضاف: «مستويات القروض العقارية المرتفعة والتي تتجاوز أربع مرات ونصف أو خمس مرات المرتبات السنوية قد تؤدي إلى مشكلات أكبر في المستقبل وهذا يتطلب منا أن نتوخى الحذر» ومن المنتظر أن تجتمع لجنة السياسة المالية ببنك إنجلترا في يونيو (حزيران) المقبل لبحث ما إذا كانت ستصدر إجراءات جديدة للسيطرة على سوق الإسكان أم لا. وحذر كارني أيضا من أن أكبر المخاطر المحدقة بسوق الإسكان في بريطانيا، وهي خارج نطاق اختصاص بنك إنجلترا المركزي، كما أشار، وهو نقص عدد المساكن الجديدة. وقارن الكندي كارني في هذا الصدد بين مسقط رأسه كندا، حيث يجري بناء ضعف عدد المساكن سنويا مقارنة ببريطانيا، رغم أن عدد سكان بريطانيا ضعف عدد سكان كندا. وبحسب أرقام حكومية، فإن هناك تحسنا في عدد المساكن الجديدة في بريطانيا، وأن مشاريعها زادت بنسبة 31 في المائة في الأشهر الـ12 الأخيرة، وبلغت 133 ألف مشروع سكني جديد. وتقول تقديرات الحكومة إن بريطانيا بحاجة إلى بناء نحو 200 ألف سكن سنويا لتلبية الطلب المتزايد على المساكن، خصوصا مع زيادة الطلب بفعل الارتفاع المطرد لعدد السكان.