بقلم : د. صالح بكر الطيار مبتعثون للهداية لا للغوايةليس عبثاً أو من قبيل المجاملة عندما تخصص الدولة السعودية جزءاً هاماً من موازنتها السنوية لتمويل مصاريف المبتعثين الى الخارج ، وإنما يأتي ذلك من ضمن خطة مدروسة تهدف الى خلق الكادر المختص الذي سيتولى خدمة بلاده على المدى المنظور والبعيد في سائر المجالات . وتفيد آخر الإحصاءات الرسمية أن قطاع التعليم استحوذ على أكبر مخصص مالي في الموازنة العامة، حيث تم تخصيص 210 مليارات ريال للتعليم، وبواقع 25% من إجمالي الإنفاق الحكومي العام للعام 2014 ، وأن جزءاً كبيراً من هذه المبالغ سيكون لتغطية نفقات أعداد الطلبة السعوديين الدارسين في الخارج ضمن برنامج الابتعاث والذين وصل عددهم إلى 185 ألف طالب وطالبة، موزعين على مختلف أنحاء العالم، وفي مختلف التخصصات. وبذلك لا يبقى أمام المبتعث سوى أن ينكب على الدراسة وتحصيل العلم ونيل الشهادة التي تخوله أن يعود الى وطنه ليحتل المكانة المناسبة وفق مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب . وهذه الإستراتيجية الرائدة ليست فقط لضمان سيرورة تطور وتقدم المملكة بل أيضاً لإنجاح مشروع السعودة الذي تراهن عليه قيادتنا الحكيمة لترسيخ مفهوم المواطنة وصون الوطن . ولكن للأسف هناك من لا يقدرأهمية هذه المبادرة ، ولا يعي دورها في بناء مستقبله الشخصي والعائلي ، ومستقبل بلده وقد يترك نفسه تنجرف وراء دعوات ضالة على أيدي جماعات مشبوهة لا هم لها سوى تشتيت عقول الشباب والتغرير بهم وسوقهم نحو الغواية والتضليل باسم الدين الحنيف بعد أن شوهوا معانيه ، وحرّفوا أهدافه ، واستخدموه مطية للوصول الى مآرب ذاتية ومنافع شخصية . والمبتعث الذي يسمح لنفسه أن ينجرف في هذه المتاهات إنما يؤكد لنفسه قبل غيره أنه عديم المسؤولية وضعيف الشخصية ، كما يثبت لنفسه قبل غيره أنه سمح لأصحاب الأفكار الضالة أن يستغلوه وأن يستخدموه وقوداً في مشاريعهم دون أدنى اعتبار لمستقبله ولدوره في رعاية أهله ووطنه . ومن الطبيعي أن تتخذ سلطات المملكة كل التدابير القانونية اللازمة بحقه عبر محاكمته وإنهاء ابتعاثه وتغريمه وتجريمه . ولهذا لا يمكن إلا أن نبارك التحذير الذي تم توجيهه مؤخراً الى المبتعثين في الخارج والذي دعاهم الى التيقظ من خطورة الانجراف خلف الدعوات المحرّضة للذهاب إلى الدول التي تشهد حالات قتال تحت طائلة تطبيق مضمون الأمر الملكي رقم أ/44 الصادر بتاريخ 3-5-1435هـ الذي دعا صراحة الى محاسبة كل من يشارك بقتال داخل وخارج البلاد الى جانب قوى تكفيرية لأن هذا القتال هو عمل إرهابي مدان بكافة المعايير ووفق كل القيم . وخطوة التحذير التي لجأت إليها السلطات المعنية لا تعني أن هناك من تم التغرير بهم ولكنها خطوة استباقية كان من الواجب اتخاذها لإقفال الطريق أمام أصحاب المشاريع المشبوهة، ولتذكير المبتعثين أنهم مشروع للهداية وليس مادة للغواية . وإذا ما أراد بعضهم لا سمح الله اتباع الضلال فإن أموال البعثة التي يتقاضونها أحق لغيرهم ، لأن من اختار الضلال لا خير فيه لا لنفسه ولا لبلده . نقلا عن المدينة