شارد الذهن مثقل بالهموم يدون في ورقة حساباته ورحلاته اليومية ومشاويره التي تنتهي لتبدأ، يقود شاحنته دون وجل إلى حيث موقع من اتصل عليه ليبلغه بحالة «شفط».. هو مثله مثل عشرات سائقي ناقلات الصرف الصحي. هذا عليفان السوداني الذي اقترب من نهاية عقده الخامس يشفط الفائض من مياه الصرف. يدير محرك ناقلته كل يوم ولا يعبأ بالروائح، فكل شيء في سبيل كسب الرزق الحلال يهون -كما يقول-، يشفط البيارات ثم يتجه بها إلى المصب المتعارف عليه ليفرغ الحمولة. لا يجد غضاضة في أن يتعامل مع هذا الأمر الذي تعود عليه بحسب ما يقول: منذ أكثر من عشرين عاما وأنا أعمل في هذه المهنة ولا أرى فيها ما ينقص قدري أو يسبب لي حرجا رغم أن بعض النظرات تزعجني لكني لا ألقي لها بالا، ويشير إلى أن هناك من يسأله عن تحمله للروائح ليرد عليه بقوله: هذا هو عملي الذي من خلاله أبحث عن لقمة عيش لي ولعائلتي ولن تمنعني هذه النظرات من العمل. عليفان يلفت إلى أنه يمارس حياته اليومية بشكل طبيعي وسط عائلته ومجتمعه القريب حيث يتقبل الجميع عمله تماما. وبين أن العمل في هذه المهنة لم يعد كثيفا كما كان الحال في السابق بسبب تعدد مشاريع قنوات وأنابيب الصرف الصحي في جدة والمشاريع الكبيرة مما يقلل من نشاطه، لافتا إلى أن أكثر الأماكن التي يقوم بالعمل فيها جنوب وشرق محافظة جدة. ويذكر أن عمله يمتد أحيانا إلى ساعات متأخرة من الليل وأن الازدحام في النهار يؤخر العمل في بعض الأحيان. وقال إنه سينهي حياته في هذه المهنة التي هو فخور بها طالما تدر رزقا شريفا رغم تدني راتبها فالعمل في المهنة بنظره أقل ضررا من الجلوس عالة على الغير أو بلا عمل. ويوضح عليفان أن عمليات الشفط التي يقوم بها تقلصت إلى ثلاث مرات في اليوم أحيانا، وهو رقم أقل بكثير من ما كان يقوم به سابقا. ويتابع بقوله: أشعر بنظرة الشفقة أحيانا في عيون الآخرين، لكنني مجبر على العمل لأن ذلك مصدر رزقي الوحيد ولن أعيش عالة على غيري.