حمل فراج علي آل مشيط ابنته باسمة طالبة الصف الرابع في الابتدائية الثامنة بمحايل عسير، بيديه جثة هامدة، إثر تعرضها لدهس سيارة مسرعة، على الطريق الرابط بين محافظة محايل عسير وأبها، أثناء عودتها من المدرسة إلى المنزل، وما ضاعف من ألم آل مشيط على ابنته، هو أن صغيرته كانت تصارع الموت لأكثر من 25 دقيقة أمام أعين المتجمهرين دون أن يقدموا أي واجب إنساني تجاهها. وكانت الصغيرة خرجت إلى مدرستها من المنزل يوم الخميس الماضي، حاملة حقيبتها المدرسية بهمة ونشاط، لكن ذلك اليوم لم يكن اعتياديا، فبعد أن فرغت من الدراسة عادت إلى منزلها عابرة الطريق الرابط بين محافظة محايل وأبها الذي يعد من أكثر الطرق كثافة مرورية وأخطرها على الإطلاق، تمكنت باسمة من عبور الشارع للوصول إلى المنزل لكنها لم تجد شقيقتها الصغرى في المنزل فعادت مرة أخرى إلى المدرسة للبحث عنها ووجدت أختها بالمدرسة وفي طريق العودة حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ تعرضت باسمة لحادث دهس أنهى حياتها تحت عجلات مركبة مسرعة. رسمت دماء باسمة لوحة مؤلمة على قارعة الطريق، لم تكن هي الأولى وفق والدها فراج علي آل مشيط الذي أكد أن باسمة هي رابع حالة تلفظ أنفاسها في ذلك المكان خلال فترة وجيزة. وقال والدها المكلوم: تبلغت بالحادث فتوجهت للموقع وللأسف كانت ابنتي تصارع الموت لأكثر من خمس وعشرين دقيقة أمام أعين المتجمهرين الذين لم يقدموا أي واجب إنساني تجاهها، فحملتها بين ذراعي وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة مودعة الحياة في مشهد ينزف ألما، مبينا أن باسمة كانت تستعد لإنهاء حفظ الجزء الرابع من القرآن الكريم وكانت طموحاتها وآمالها تلامس عنان السماء ولم تكن تعتقد أنها ستلقى حتفها في طريقها إلى المدرسة، لكنها إرادة الله وإنا لله وإنا إليه راجعون. وتساءل علي محمد ابن عم باسمة، قائلا: إلى متى ونحن نكتب بدماء أبنائنا وبناتنا رسائل شكوى للمسؤولين في محافظة محايل ومنطقة عسير، إلى متى ومعاناتنا مع هذا الطريق تزيد يوما بعد آخر، وتخلف الضحايا من حين إلى آخر؟، مشيرا إلى أن جهودهم كمواطنين ومساعيهم على هذه المعضلة باءت بالفشل مع الجهات المعنية في المحافظة، ملمحا إلى أنهم لا زالوا يقدمون الضحايا يوما بعد آخر. من جهته، وصف علي مغرم الطريق بـ«الخطر»، والأطفال مرغمون على المضي فيه، ليس للنزهة ولكن لطلب العلم، خصوصا أن الحي في جهة وسكانه في الجهة المقابلة، معتبرا أن الطريق الشريان الأهم في المحافظة، حيث يربط تهامة بالسراة ويكتظ بالحركة المرورية في كل وقت. وناشد عدد من الطلاب، الجهات المختصة بإنشاء جسر مشاة يخدم هذه المنطقة وسكانها أو نقل المدرسة للحي المكتظ بالسكان، لا سيما أن مبنى المدرسة مستأجر وهذا يسهل عملية نقلها، أو وضع مطبات صناعية لتخفيف تهور السائقين ووضع لوحات تنبيهية بوجود مدرسة ومنطقة مأهولة بالسكان. وتمنوا أن يصل صوتهم للمسؤولين بأسرع وقت حتى لا تتكرر المآسي ويقدموا أطفالهم ثمن تهور السائقين. بدوره، أبدى مدير إدارة التربية والتعليم بمحافظة محايل عسير هاشم علي الحياني، تعاطفه الكبير مع أسرة الفقيدة باسمة، مؤكدا أن الإدارة ستشرع بعمل الحلول اللازمة والمناسبة لتلافي هذه السلبيات بالتعاون مع الجهات الحكومية في القريب العاجل.