الأقصر: «الشرق الأوسط» قام اللواء طارق سعد الدين محافظ الأقصر بصعيد مصر أمس الأحد بتفقد العمل بالمراحل المتبقية من مشروع كشف وإحياء طريق الكباش الفرعوني الذي يربط بين معبدي الكرنك والأقصر بطول 2700 متر ويهدف لتحويل المدينة إلى أكبر متحف مفتوح في العالم. وحسب التقرير الذي بثته وكالة الأنباء الألمانية، فقد قام المحافظ بتفقد سير العمل بالكوبري العلوي الذي يقام فوق الطريق الفرعوني، حيث أعلن عن استمرار العمل بالكوبري العلوي الذي يربط المدينة بطريق المطار الدولي، واستمرار التجهيزات لبدء العمل بالكوبري الذي سيقام فوق طريق الكباش لربط منطقة السنترال بشارع يوسف حسن. وقال المحافظ إن المشروع المقسم إلى ستة قطاعات انتهى العمل بمعظم الأعمال الأثرية به ويجري حاليا استكمال الأعمال الهندسية من أسوار وكباري وطرق. وأشار إلى انتهاء المرحلة الأولى من معبد الأقصر وحتى سنترال الأقصر، وبلغت نسبة التنفيذ في المنطقة ما بين شارع المطحن وحتى طريق المطار الدولي 90 في المائة، والمنطقة من طريق المطار وحتى معبد الكرنك 60 في المائة. ويربط طريق الكباش الفرعوني بين معبدي الكرنك والأقصر بطول 2700 متر ويصطف على جانبيه المئات من تماثيل الكباش الأثرية الشهيرة، وجرى استئناف العمل في المشروع الذي يعد أكبر مشروع أثرى في العالم أجمع، حيث يستطيع السياح السير من معبد الأقصر إلى معبد الكرنك عبر طريق الكباش. ومنذ أكثر من خمسة آلاف عام قام ملوك مصر الفرعونية في طيبة - الأقصر حاليا - ببناء طريق الكباش - طريق أبو الهول - ذلك الطريق الذي كان يربط بين معبدي الأقصر والكرنك لتسير به المواكب المقدسة للملوك والآلهة في احتفالات سنوية، فكان يسير الملك يتقدمه علية القوم من الوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة خلف الزوارق المقدسة التي كانت تحمل تماثيل الآلهة، بينما يصطف أبناء الشعب على جانبي الطريق يرقصون ويلعبون في بهجة وسعادة. وقد بدأ بناء هذا الطريق الملك أمنحوتب الثالث الذي بدأ تشييد معبد الأقصر، ولكن النصيب الأكبر في تنفيذ هذا الطريق يرجع إلى الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية، آخر أسرات عصر الفراعنة. ويوجد على طول الطريق البالغ عرضه 70 مترا، 1200 تمثال، وكانت هذه التماثيل تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملي، تقام على هيئتين؛ الأولى تتخذ شكل جسم أسد ورأس إنسان، فالأسد أحد رموز إله الشمس، والثانية على شكل جسم كبش ورأس كبش، وهو رمز من رموز الإله خنوم أحد الآلهة الرئيسة في الديانة المصرية، وكانت تحيط بهذه الكباش أحواض زهور ومجار للمياه لريها، وتتوسطها أرضية مستطيلة أبعادها 120 في 230 سنتيمترا من الحجر الرملي لتسهيل السير عليه، وبين كل تمثال وتمثال فجوة تقدر بأربعة أمتار، بالإضافة إلى ما ذكرته الملكة حتشبسوت على جدران مقصورتها الحمراء بالكرنك بأنها قامت بتشييد سبع مقاصير على طول هذا الطريق. ومرت السنوات تتلوها الأعوام والقرون واختفت معظم معالم هذا الطريق المقدس لتظهر بدلا منه بيوت ومنازل عشوائية وأراض زراعية لتحجب واحدا من أهم وأجمل الطرق الأثرية في العالم، وتدفن تحتها تلك التماثيل المقدسة عند الفراعنة لتدمرها مياه ري الزراعات ومياه الصرف الصحي التي كانت تغمر تلك التماثيل القابعة أسفلها لتكون شاهدا للعالم على عبث الحضارة الحديثة وما صنعته بتراث وتاريخ الأجداد. ولكن الآن وبعد كل هذه القرون تشهد مدينة الأقصر حاليا تنفيذ المراحل الأخيرة من أكبر مشروع أثرى في الشرق الأوسط لإعادة كشف وإحياء هذا الطريق مرة أخرى بتكلفة تجاوزت 240 مليون جنيه مصري.