في نهاية الشهر المنصرم ، احتفلت المملكة بمناسبة مرور تسعة سنوات على ذكرى البيعة الاولى لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتوليه مقاليد الحكم ، فحق لنا جميعا الاحتفال والابتهاج. عبدالله بن عبدالعزيز ، شهدت المملكة خلال فترة حكمه الحالية قفزات عالية تطويرية شملت جميع الاصعدة ، مستثمراً فيها الموارد والمصادر لكل ما يخدم الوطن ، فاستثمر العقول وانشئ جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي تعد بحد ذاتها صرحاً شامخاً ومهداً وداراً للحكمة والعلم ، وبرنامج خادم الحرمين للإبتعاث الخارجي بالاضافة الى ارتفاع عدد الجامعات المحلية لما يفوق الثلاثين جامعة في رسالة واضحة الى الاهتمام الجلي للعقول والافكار. استثمر الشباب بانشاء المدينة الرياضية التي تحمل اسمه والتي افتُتحت مؤخراً في جدة عروس المدائن وظهرت جزالة نظرته المستقبلية للرياضة وفهِم رسالتها السارية في أنحاء العالم وما يمكن ان تحدثه الرياضة بين الشعوب. استثمر عبدالله بن عبدالعزيز الطاقة والمال بانشاء معهد الملك عبدالله للدراسات البترولية ومركز الملك عبدالله المالي ليكون بذلك الفريد من نوعه بالشرق الاوسط ، وغيرها من الاستثمارات التي شملها الانسان والبنيان معاً ، بالاضافة الى الميزانيات الضخمة التي ضُخت للمؤسسات الحكومية والغير حكومية لتخدم المواطن وتعكس مستوى رفاهية ماتنعم به البلاد من خيرات. ناهيك عن التغيرات الوزارية العظيمة والغير مسبوقة التي لا تدع مجالاً للشك اهتمامه للوطن والمواطن. كل هذه الانجازات والاستثمرات مازلت مجرد اسم تسطره اللوحات الإعلانية والارشادية ، جميع هذه الاهتمامات مبتورة الاطراف مسروقة الجوهر ومبهمة المعالم ! لا يوجد لها أي أثر على المواطن او انعكاس على الوطن ، فالفساد ينخر عصا التقدم ويأكل سلم الحضارة ويقطع يد الرفاهية !! فهاهم المبتعثون الذين استثمرتهم الدولة بلا وظائف وهاهو مستوى الفقر العالم يزيد لا ينقص ، المواطنون يبحثون عن سكن يقيهم لهيب الصيف وزمهرير الشتاء ! مازال تعليمنا يخرج لنا اجيالاً ببغائية لا تحسن فك الخط ولا كيفية التعامل مع المستقبل ، مستشفياتنا خالية من الأسّرة متهالكة المباني كأن لم يصرف لهما نصف ميزانية الدولة ! مازلنا نستورد ملابسنا وسياراتنا ومأكلنا ومشربنا والتقنية ونُصدر الكراهية والقتل والتكفير والارهاب والجهل والخوف من الغد ! بعد كل تلك الإنجازات والاستثمارات مازال الشعب يعاني ، يعاني جداً . عبدالله بن عبدالعزيز ، رجل سابق لعصره فهو الوحيد الذي نسيَ خشمه ونظر الى الامام نحو المستقبل مباشرةً بينما البقية مشغولين في ملاحقة تلك الذبابة التي فوق أنوفهم ، إنه رجل يخطط لغدٍ افضل بينما الجميع يفكر بما حدث بالامس ! تجربة عبداللله بن عبدالعزيز تعلمنا أنه لايمكن البناء والانتاج بضلع واحد ، بل يجب ان تكون جميع اضلع المثلث كاملة متشاركة في البناء لننعم بالانتاج ، فلا يمكن أن يشمخ هرماً رأسه صلب وقاعدته هشه.