روافد المدينة المنورة أوضح خبير التراث العمراني المعروف الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الحصين، أن نمط التراث العمراني القديم في المدينة المنورة، يمتاز بالحرفية العالية ودقة التصميم التي تتيح التواصل الإنساني بين الأسر وأفراد المجتمع المديني بشكل عام، بما ينسجم مع روح العمارة االوطنية التي تلبي احتياجات الأسرة والمجتمع الثقافية والصحية والاجتماعية والإقتصادية. وأشار في المحاضرة التي نظمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار، ممثلة في مركز التراث العمراني الوطني، بالتعاون مع الهيئة السعودية للمهندسين، والجمعية السعودية لعلوم العمران، يوم الأربعاء الماضي بالبيوت الطينية في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بمدينة الرياض، والتي جاءت تحت عنوان، ذكريات من شارع الساحة بالمدينة المنورة، إلى دور المسجد النبوي وتأثيره الإجتماعي والثقافي والديني والاقتصادي في مجتمع المدينة والمجتمع المسلم ككل، وقال إن المسجد النبوي بالمدينة المنورة والتي تمثل محط أنظار المسلمين في جميع انحاء العالم،أكسب مجتمع المدينة خصوصية في التشرب بالثقافات المختلفة، مما اتاح التمازج وتحقيق الفوائد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لافتاً إلى أن أهل المدينة كانوا يقومون بتزيين الطرقات في مواسم الحج، ويؤجرون جانباً من منازلهم لزوار المدينة المنورة. وربط الحصين بين علاقة النسيج العمراني في المدينة المنورة وتكوين إنسانها في النواحي المختلفة، متحدثاً عن طبيعة المباني والبراحات التي كانت تسمح بالتواصل والتكافل والتضامن المجتمعي، مشيراً إلى أن مناسبات الزواج في المدينة المنورة، على سبيل المثال، كانت مواسم لالتقاء الأهل والجيران، وتحدث الحصين عن أهمية حارة الساحة وقال إنها تصل المناخة بالمسجد النبوي عند باب الرحمة، مبيناً أنها تتاخم الحرم النبوي بسوق متنوع يعج به الباعة الذين يعرضون مختلف السلع التي يحتاجها سكان المدينة وزائريها، وتحدث عن البراحات وأبرز الأحواش في حي الساحة مثل حوش التكارنة، وحوش فواز، وحوش الجمال، والبيوت الكبيرة والصغيرة وأبزر الشخصيات فيها مثل رئيس الجوازات، ومدير الجمارك، ورئيس المحكمة الشرعية، وغير ذلك من طبقات المجتمع المهنية والفئوية. يشار إلى أن المحاضرة تأتي ضمن سلسلة من الأنشطة والفعاليات الثقافية التي درج مركز التراث العمراني الوطني على تنظيمها، وقد شهدت مشاركة نوعية من المسؤولين والمهتمين بقضايا التراث والآثار، وتخللتها سلسلة من المداخلات القيمة التي أسهمت في انجاحها وبلوغ الأهداف المنشودة. كما أعرب المشرف العام على مركز التراث العمراني الوطني بالهيئة الدكتور مشاري النعيم، عن شكره للمحاضر على جهوده وما قدمه من معلومات تراثية قيمة مرتبطة بالقيم وأنماط المجتمع المديني وطرائق عيشه وعاداته وتقاليده، مضيفاً أن المركز سيستمر في تنظيم مثل هذه الأنشطة الثقافية وفقاً للخطط والإستراتيجيات المرسومة من أجل تعزيز المعرفة بقيم وأبعاد التراث العمراني الوطني الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.