×
محافظة المنطقة الشرقية

الباطن يقدم مدربه الجديد نايف العنزي للإعلام

صورة الخبر

بعد عشرين عاماً على انطلاقته، انتقل المتصفّح الشهير «ياهوو» Yahoo! من مشروع يعمل على تنفيذه الطالبان الجامعيان جيري يانغ وديفيد فلو، في كاراج منزلي، إلى شركة قدر لها أن تغزو شاشات الكومبيوتر وتسجّل نفسها كأضخم شركات المعلوماتية عالميّاً. ولعله ليس خلواً من الدلالة أن تنقل هذه المؤسسة المعلوماتية الضخمة (قيمتها الإجمالية تفوق 17 بليون دولار، ويعمل فيها أكثر من 12500 شخص)، من رجلين مؤسّسين، إلى يدي ماريسا ماير، الخبيرة في المعلوماتية، كي... تنقذها! وتبدو ماير التي تنجح في الحفاظ على أنوثتها، كأنها تخوض معركة متشعّبة الأوجه ضد رجل، هو ساباستيان ثور، رئيس قسم «المختبر إكس» في «غوغل». وفي مقابل أنوثة ماير، يحتفظ ثور بشكل فائق الذكورة، وليس لدواعٍ عنصرية القول إن شكله يذكّر بـ «حليقي الرؤوس»، ذلك أنه ألماني أيضاً وهو أبعد ما يكون عن العنصرية. يدور الصراع «الصامت» بين هذين الشخصين بطريقة تستدعي خيال صراع شمشون ودليلة، لكنه لا يتمحور حول السماء بل حول أمر أرضي تماماً: الذكاء الاصطناعي.   منافسة مع «غوغل» قبل الخوض في مزيد من التفاصيل، يجدر تذكّر أن متصفّح «ياهوو» بعشرينيته ضمن فعاليات «معرض لاس فيغاس إلكترونيّات المستهلك». ومن المستطاع البدء من هناك تحديداً. فعندما كانت المعلوماتية في بداياتها، كان هذا المعرض مكاناً لتبادل الأفكار الكبرى لشركات المعلوماتية. في تلك الحقبة، كان المعرض محجّة لأشخاص من وزن بيل غيتس، المؤسس الأسطوري لشركة «مايكروسوفت»، وجيف بيزوس، مؤسس موقع «أمازون.كوم» للتجارة الإلكترونيّة، ويانغ وفلو من «ياهوو»، والراحل ستيف جوبز من «آبل» وغيرهم. لم يعد أمر المعرض كذلك. ولم يمنع ذلك ماريسا ماير من اعتلاء المنصّة لتدخل في حوار امتد لساعة كاملة. وبفستانها النيلي المنقّش بدوائر بيض، استطاعت ماير أن تجعل الحوار متمحوراً حول الفكرة الرئيسية التي تشغلها «الانتقال الكثيف إلى الأجهزة الذكيّة المتحرّكة». وصلت ماير إلى عشرينية «ياهوو» مع سجّل مضطّرب يعبّر عن قوّة المنافسة وفداحتها في عوالم المعلوماتيّة. ففي السنة الفائتة، استعاد موقع «ياهوو» (وهو يستند أساساً إلى كونه متصفّحاً للإنترنت Internet Browser، فيما يعمل «غوغل» استناداً إلى كونه أساساً محرّك بحث Search Engine على تلك الشبكة)، كثيراً من جمهوره، إلى حدّ أنه تفوّق على «غوغل» في عدد زواره من أميركا، الذين وصل عددهم إلى 196 مليوناً. من ناحية ثانية، لم ينجح تسجيل ماير سنة ناجحة في إدارتها «ياهوو» أن تستمر مجلة من وزن «وايرد» في طرح أسئلة عن مصير المسار الذي تخوض فيه هذه المرأة القديرة. فمثلاً، استهلت السنة على تغيير كبير، باتجاه الأنثى أيضاً، لأن ماير اسندت «ياهوو نيوز» إلى إمرأة قادمة من الصحافة وعهدت إليها بأن تغيير النمط الإخباري لـ «ياهوو نيوز» باتجاه التعمق والتحليل والذهاب إلى أبعد من الخبر. الأرجح ألا يصعب على من يعمل في الصحافة تخيّل الأسباب وراء هذه النقلة: إنها الشبكات الاجتماعية و... الخليوي والأجهزة الذكيّة وشاشات الفضائيات. فمع شاشات تهطل عليها الأخبار في لحظة وقوعها، ومع صعود ظاهرة «صحافة المواطن»، بات صعباً المنافسة في الخبر بحد ذاته.   تجربة «مكتوب» على هذا الصعيد، سجّلت «وايرد» نقطة إيجابية لـ «أنثى ياهوو». في المقابل، صعّدت ماير وتيرة شراء «ياهوو» لشركات معلوماتية صغيرة، لكنها تستطيع إدماجها ضمن الصورة الكبيرة لعمل «ياهوو» كي تدفع بهذا العمل إلى الأمام. وفي المنطقة العربية، أعطت صفقة شراء «مكتوب» النموذج الأبرز إقليمياً عن هذا الأمر. ومن يدخل الى موقع «ياهوو» من المنطقة العربية، ينتقل فوراً إلى الصفحة التي تدمج معطيات «مكتوب» مع «ياهوو»، بل أنه لا يصل إلى الموقع العالمي لـ «ياهوو» إلا إذا اختار ذلك. في السياق عينه، جرى شراء شركة «فليكر» Flicker للتواصل الاجتماعي، وكذلك الحال بالنسبة لشركة «أنستغرام» Instagram التي تبدو محاولة لمنافسة «يوتيوب» الذي يملكه «غوغل». في سياق تصريحاتها بمناسبة عشرينية «ياهوو»، ركّزت ماريسا ماير على الأجهزة المحمولة، وهي التي تشهد انتشاراً ضخماً على شاشاتها للبرامج المُسمّاة «تطبيقات»، بل أن هذه التطبيقات باتت هي العصب الرئيسي حاليّاً لعمل المعلوماتية، خصوصاً أنها تجمع الكومبيوتر والخليوي واللوح الذكي، إضافة الى قدرتها على التعامل مع نظم تشغيل مختلفة مثل «ويندوز» و»ماك». يكفي تذكر قوة حضور تطبيقات مثل «واتس آب» مثلاً، إضافة الى تلك المتصلة بمواقع الشبكات الاجتماعية كـ «تويتر» و»فايسبوك». في المقابل، يصنع هذه التطبيقات عــشرات آلاف الشـــباب المتوزعين عالميّاً. من هذه الزاوية، تبدو ســــياسة ماير في شراء الشــــركات الصغيرة ذات مـــغزىً تماماً. ولكن، إذا تذكرنا هيـــمنة نظام «آندرويد» على التطبيقات، تظهر واضحة اليد الطولى لـ «غـــوغل» وطريقته في العمل، لأنه هو الذي أطلق مبادرة «آندرويد» وجعلها مفتوحة، ما تسبب في النمو الانفجاري لظاهرة التطبيقات. عند هذه الثنية، تبرز صلعة الخبير ثور، إذ تسود بين المهتمين بالشأن المعلوماتي شبه قناعة بأن الغلبة في المعلوماتية تكون في نهاية المطاف للمتفوق في الذكاء الاصطناعي، خصوصاً عندما تصل محركات البحث إلى مستويات متقدمة فيه. يعمل ثور على ذلك الأمر تحديداً، بل أنه يركز راهناً على مشروع قريب من الأجهزة الذكيّة المتحركة، وهو السيّارة المؤتمتة التي تقود نفسها بنفسها، وهي الـ «روبوت - سيّارة» Robotic Car. هل تردّ ماريسا ماير بأسلوب «ضُمّ وتوسّع»، بمعنى أن تشتري ربما شركة صــغيرة إذا استطاعت أن تلتقط طرف الخيط في المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي؟ هناك ما لاينتهي من أوجه الكلام عن «ياهوو». ويصعب تجاهل الإشارة إلى سرعة التبدّل في عوالم المعلوماتية، إذ ما زال «ياهوو» مراهناً على قسمه الإخباري، لكن «فايسبوك» يستعد لإصدار ما يشبه صحيفة إلكترونيّة خاصة به. وفي الوقت نفسه، يردد كثيرون أن هذا المشروع جاء متأخراً لأن هناك ظاهرة هجران الأجيال الأميركية والأوروبية الشابة لـ «فايسبوك»! كيف تقرأ «أنثى ياهوو» هذا المتغيّر؟.