×
محافظة الرياض

"الصحة" تعلن 7 إصابات جديدة بـ "كورونا"

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي سيشهد العراق أياماً صعبة في أعقاب إجراء الانتخابات التشريعية فيه، على ما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما. والصعوبة لن تقتصر على تصعيد في الوضع الأمني، إنما سنشهد عملية سياسية مقفلة سيُجرى فتحها بأداة أمنية. فنتائج الانتخابات أعادت العراق إلى المرحلة التي أعقبت انتخابات 2009، حين فازت لائحة «العراقية» بزعامة أياد علاوي بـ91 مقعداً في حين فازت لائحة «دولة القانون» بـ90، فما كان على قاسم سليماني آنذاك إلا أن يحشد لحليف طهران خصومه الشيعة وأن يزجهم في تحالف مرير مع المالكي لينتج كتلة «التحالف الوطني» ويُبعِد علاوي عن رئاسة الحكومة. وبقي العراقيون في حينه أكثر من تسعة أشهر ينتظرون ولادة الحكومة، على وقع تدهور أمني دموي، كانت له وظيفته في عملية التفاوض على شكل الحكومة. قد تبدو المهمة اليوم أسهل على المالكي بفعل الفروق الطفيفة في النتائج، ذاك أن الرقم الذي تقدم به علاوي يومذاك (91 مقابل 90) لن يلوح هذه المرة بصفته عقبة دستورية. ولكنْ مقابل تبديده الفارق الطفيف في عدد المقاعد، تواجه رئيس الحكومة العراقية عقبات جديدة، وهو أمر سيُصعِّب مهمة قاسم سليماني، وربما يؤدي إلى أن تُضحّي إيران بحليفها الأبرز في العراق نوري المالكي. لا شك في أن العقبات الشيعية في وجه المالكي زادت عن تلك التي واجهته عام 2009. فالتيار الصدري أشد ضراوة في خصومته له هذه المرة، والمجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم حصد ضعف عدد المقاعد التي حصدها في 2009، ما يجعله مفاوضاً مختلفاً عما كانه حينذاك، بل ربما وصل به الأمر إلى أن يطمح إلى تشكيل الحكومة إذا امتدت تحالفاته إلى خارج الطائفة. وقد بادر الحكيم فور ورود بعض نتائج الانتخابات إلى الإعلان عن «إعادة تشكيل التحالف الوطني»، مع ما يوحي ذلك بضرورة تغيير مراكز النفوذ فيه. العقبة السنّية في وجه المالكي كأداء هذه المرة، ذاك أن رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، وهو الشخصية السنّية الأبرز، استبق نتائج الانتخابات بإعلانه استحالة التحالف مع المالكي، وجرى ذلك على وقع استمرار الحملة العسكرية في الأنبار والخلط بين استهداف «القاعدة» واستهداف المدن السنّية، لا سيما الفلوجة التي تمكن «داعش» من احتلالها وسط تذمر سنّي من «جيش المالكي»، كما يسمّي الأنباريون الجيش العراقي. على الصعيد الكردي تبدو مهمة المالكي الأصعب، فالشقاق بين الأكراد والحكومة المركزية في بغداد وصل إلى ذروته قبل الانتخابات. ولوحت أوساط كردية غير بعيدة من رئاسة الإقليم ومن مسعود بارزاني باحتمالات «الاستقلال» وباستحالة التعايش مع حكومة مركزية يرأسها المالكي. وأضيفت إلى مشكلة كركوك والمناطق المتنازع عليها بين الإقليم والحكومة المركزية، مشاكل من نوع حصة الإقليم من الموازنة العراقية وقانون النفط، ومزيد من الإجراءات الاقتصادية الاستقلالية التي أقـــدمت عليها الحكومة الكردية الفيديرالية. الشرط الوحيد المتوافر لدى المالكي يتمثل في إخلاصه لـ «الشقيق الأكبر» طهران طوال المرحلة الثانية من ولايته الحكومية، ذاك أن الرجل لم يخرج مرة واحدة عن وجهة السياسة الخارجية الإيرانية في السنوات الخمس الفائتة، وكانت الذروة في سورية وما أداه من خدمات لسيده الإيراني على هذا الصعيد. ولكن، حتى هذا الشرط لا يبدو كافياً، ذاك أن المهمة ذاتها يمكن أن يؤديها غيره من المنافسين الشيعة له. فطهران تدير العلاقات بين القوى الشيعية في العراق على نحو ما كانت تدير سورية العلاقات بين القوى الشيعية وغير الشيعية في لبنان. والخطأ القاتل الذي ارتكبته دمشق عبر تمديدها للرئيس اللبناني إميل لحود في وقت كان بإمكانها أن تتفادى الغضب الدولي نتيجة ذلك، وأن تأتي برئيس آخر أقرب من لحود إليها، هذا الخطأ يمكن أن يكون درساً لطهران. فالأكلاف التي ستدفعها لتنصيب المالكي يُمكن تفاديها عبر سيرها برئيس للحكومة حليف لها، ولا يُغامر بالخروج عن الوظيفة الإقليمية التي ارتأتها طهران لبغداد، وما أكثر هؤلاء في بغداد! صحيح أن طهران هي اللاعب الأكبر في العراق اليوم، إلا أنها ليست اللاعب الوحيد. فأنقرة مثلاً شريك لا يُستهان به في العراق، بفعل علاقاتها مع السنّة العرب، والتحالف المستجد بينها وبين بارزاني، وثمة كثير من المؤشرات يؤكد أن الأخير اختار أنقرة عمقاً إقليمياً بعدما تراجع الدور الأميركي في العراق وانكفأ العرب عن بغداد. وأنقرة لن تقبل بالمالكي رئيساً. صحيح أنها لم تقبل به عام 2009، ثم عادت وخضعت لرغبة أميركية في التسوية، إلا أنها هذه المرة أشد تحفزاً لرفضه. وبين طهران وأنقرة مصالح تتعدى الخصومة في سورية، وهو ما يكشفه الدور التركي في كسر الحصار الدولي المالي والاقتصادي المفروض على طهران. يبقى أيضاً أن بغداد منطقة تسوية بين المصلحة الأميركية في الاستقرار الأمني في المنطقة، وبين النفوذ الإيراني المتعاظم في العراق. ولهذه التسوية شروطها التي تبذل فيها طهران منتهى براغماتيتها، وتقبل فيها واشنطن بدفع الفاتورة. وهنا قد يكون المالكي الضحية، فاستحالة تسويق الرجل إقليمياً ستضع واشنطن في حرجٍ مع حلفاء لها في المنطقة، في حين يُمكن طهران أن تُقدم شخصية أخرى تتمتع بما يتمتع به المالكي لجهة الإخلاص لها، لكنه يوفر عليها مزيداً من أكلاف رجلها الأول في بغداد، لا سيما أن قائد فيلق القدس قاسم سليماني لن يُقفل مكتبه في عاصمة الرشيد.