الأسبوع الماضي شهد العالم انطلاق حملة ضد العنصرية تسبب بها البرازيلي داني الفيس لاعب فريق برشلونة الإسباني، عندما قام بأكل موزة قذفت على الأرض من مدرجات فياريال الإسباني قبل أن يتابع تنفيذه لركلة ركنية. كما أثار هذا التصرف موجة من ردود الفعل في شبكات التواصل الاجتماعي بقيام بعض الشخصيات الرياضيَّة وضعت صورها وهي تأكل ثمرة موز وعبارات من قبيل فلتذهب العنصرية للجحيم، تعبيرًا عن رفض العنصرية داخل الملاعب الأوروبيَّة. لطالما كانت أهداف الرياضة التي هي مظهر تقدمي يعاير مدى حضارة الشعوب ورقيها منصبة في تعزيز التنافسية النظيفة والصداقة بين الشعوب واللعب العادل وصرف الطاقات الشابة بعيدًا عن الهدر غير المثمر والمفسد. ومناهضة العنف والتفرقة المبنية على نعرات عرقية وطائفية وإثنية. لكنّ ثمة خلطًا فاضحًا للأوراق الرياضة والطائفية هو ما أفرز لنا مثل هذه المواقف الشاذة التي تُعدُّ انحرافًا كبيرًا عن مفاهيم العدالة والسمو والصداقة. ولم تقتصر هذه المواقف على موزة الفيس سالفة الذكر ولا صرخات القرود التي انطلقت من مدرجات سسكا موسكو الروسي عند استضافته بايرن ميونيخ الألماني ضمن مسابقة دوري أبطال أوروبا. أو ما حدث في مباراة الدنمارك وإيطاليا ضمن بطولة الأمم الأوروبيَّة حينما قام الجمهور الإيطالي بأداء التحية الفاشية. إنما تسربت تلك الأفعال العنصرية والطائفية إلى ملاعبنا السعوديَّة بعدة مواقف أثارت الرأي العام في البرامج الرياضيَّة التلفزيونية أو في مواقع التواصل الاجتماعي. كان آخرها ما بثته قناة وصال لموقف أحد الشيوخ مندِّدًا بإعطاء شارة الكابتينة والقيادة للاعب تيسير الجاسم وحمَّله على الأكتاف مع كونه ينتمي للمذهب الشيعي. وجدير بالذكر أن قيادة بعض الفرق السعوديَّة كانت في كثير من المناسبات للاعبين أجانب ليسوا مسلمين كما في نادي النصر -مثلاً- حين قاد اللاعب الروماني ستويشكوف في البطولة الآسيوية، كما قاد اللاعب البرازيلي تفاريس نادي الشباب. إن الاحتراب الطائفي الذي تشهده نواحي عدَّة في المملكة غنية عن هذا التأزيم الذي يحاول البعض إقحامه في الرياضة أيْضًا بعدما بلغ أشده في مجالات أخرى من أطراف الصراع الشيعي السني. إن ما تقوم به المملكة في عهد الملك عبد الله - حفظه الله ورعاه - من احتواء هذا السم وفصده من ذراع الأمة ومحاولة تخفيف الاحتقان الشيعي السني في مجالات عدَّة لا يسع هذا المقال لذكرها. سيكون عرضة للتشتيت على يد مثل هذه المواقف الذي تنحى منحى توسيع مدى السم ليتسرب للساحات الخضراء وتلويث هوائها النقي بأفيون الطائفية المقيتة. وإن كنّا نشدِّد على حاجتنا للحوار الشيعي - السني من أجل حصد المشتركات وتقويم الاعوجاج وسد منابع الضلال والشركيات وصون لكرامة الصحابة وزوجات النَّبيّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من الشتم والإساءة اللتين يتعرض لهما من قبل متطرفو وجهلاء الشيعة. وحاجتنا الماسَّة لتنوير الجانب الشيعي من أجل الكف عن هذه الممارسات التي لا تمَّت للدين والأخلاق بصلة فإني أشدّد أيْضًا ومن جهة مقابلة على أن مكان هذه الحوارات هي طاولة يحتضنها مركز الملك عبد العزيز -رحمه الله- الذي احتضن حوار الأديان. وليس المستطيل الأخضر الذي نريد له أن يكون المسرح الذي يرفع فيه أبناء الوطن بعضهم البعض على الأكتاف دون النظر للأصول العرقيه أو المذهبية.