الفكرة لا تهرب ولا تلتجئ وإنما تأتي كالبرق مسافرة من جملة إلى جملة .. لتشعل السطر اليباب ، فتحوله كالهالة القمراء يصبغها لظى نجم مذاب . تلك اللحظة إن لم تخرج إلى النور تموت وتموت فتتحول المحابر إلى مقابر ، لا صوت .. لا حياة .. لا رمق ..! هكذا كنت وأنا بعيدا عن الكتابة ، تأتي الفكرة ..احبسها .. استيقظ من النوم فلا أجدها .. هي كالجمرة المشتعلة تماما أن تمسكها تحرقك وإن أطلقتها ترهقك . وعندما تتأخر تجدها كموعد ينتظر دوره أن يحين ، تتراكم فتبحث عن تنظيم للطرح مثل ما حدث قبل هذا المقال ، فاحترت بين مقال عن رعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم ، ومقال عن عدائية الأهلاويين والخطاب المتشنج ضد الإعلام والجمهور ، و تكرار الأخطاء والذي حذرنا منه في حال ترشح فهد وبقاء الفكر ، أو مقال عن تسريب خبر حصول إحدى القنوات على حقوق نقل الدوري السعودي ، فحاولت أن أجد رابطا بين تلك المواضيع لأصل بين أفكاري ولم أجد أفضل من رابط واحد ، وهو المحسوبية والتسليك وعدم التخصص ..!! يبدو أن رياضتنا قدمت استقالتها من وظيفة أحياء المنطق والطرح الرزين فباتت تعيش أرذل العمر وبات المسؤول يعيش في الفريزر لا يهتم بردة فعل الشارع الرياضي ، ولا يأبه بنتائج القرار الخاطئ ، وبات النجاح ككمبيالة مؤجلة الدفع حتى إشعار آخر . تتخذ قرارات المصلحة العامة بما يتوافق مع المصلحة الخاصة دون النظر للمصلحة العامة ، ودون التفكير بالمنطق، وبأن المصالح الخاصة لا تتجاوز الصداقة المؤقتة ، فتحتاج إلى طرح يلبس الأحذية اللماعة ، ويطلق عبارات الثناء ، لا طرح يخلع جلده ، ويلبس العاصفة من أجل التقدم والتطور . أيضا ذلك الاختيار يأتي دون النظر إلى الطرح العقلاني والمتزن ليختار قناة استمرأت الطرح المتعصب فتسمع فيها اتهامات كاذبة لأشخاص وتقويلهم أشياء لم يقولوها ، ويخترعون الأكاذيب ولا تتأنى في السماح بالتجاوزات كجمل الكلاب المسعورة ، وتتبنى طرح من يدفع أكثر . يبدو أن الفضاء في اتجاهه لظاهرة امتداد الشبوك على كل هيكتار فيه من خلال عقد قد يصل للعقد الزمني دون النظر إلى المصلحة العامة ، ناهيك عن قتل المنافسة بعدم طرح حقوق النقل وتكبيلها بأن تكون القناة محلية ، وليتهم اكتفوا بذلك بل أنهم تجاوزوا وجعلوها تخضع من ملكية الدولة أو ملكية الشعب من خلال طرح الملف أمام جميع القنوات ، لكنهم اختاروا تحويلها إلى الملكية الشخصية والتي ستخضع لمصلحة وتوجيهات أشخاص معينين . وأصبح صاحب القرار يستمتع بقتل التاريخ ويرفض العيش في الواقع ، وكأنه يريد ان يمسح من ذاكرتنا كل الأحداث التي وقعت مؤخرا ، والتي جعلت الإنسان يعرف قيمته وحقه في العيش يجد من يبحث عن رضاه وتقديم حقوقه كاملة له والتي من أهمها انجازات ونجاحات تجعله يثق في تقدم وطنه نحو الأفضل . المسؤول لم يعد ترضيه أن تكون نسبة خداع الجمهور عشرة في المائة ولا حتى خمسين في المائة بل أنه يريد خداعا كامل الدسم ، وإلا أوقف مساعدات مارشال عن متسولي الإعلام . ربما تنجح تلك القناة في التسليك وقلب الحقائق وأخذ الجمهور بعيدا عن الواقع ولكنها لا تستطيع من جعل الفاشل ناجحا مهما فعلت ، وإن ورثوا الفضاء وما عليه من أقمار ، فلا تصدر نشرة إخبارية إلا بأمره ، ولا عنوان رئيس في صحيفة إلا بأمره ، ولا يرفع الفاعل وينصب المفعول به إلا بأمره ، في حين أن رياضتنا انهزمت في أكثر من موقعة ، وأصيبت بأكثر من نكسة ، وحاصرها الفشل من الجهات الأربع . ليس هناك حادثة تقع في رياضتنا اعتباطا أو مصادفة ، فكرة القدم لم تعد تدخل الشباك إلا بعد أن تمر بأقدام مغروسة في خاصرة رياضتنا ابتداء من المسؤول ومرورا باللجان إلى أن تلفظها صافرة الحكم . هي حقيقة مصير قادم لا يفصله عن الواقع إلا الزمن ، والزمن هو الناقد الذي ليس له جيوب ووحده الذي ليس له طموح ، فلذلك من الصعب تغيير قناعات بنيت على أساس خاطئ حتى التعصب ولكن الزمن كفيلا بتعريتها وتقديم الحقيقة كاملة للجمهور .