النصوص التي يطلقها بعض المتصدرين للمشهد الطائفي هي الحطب الذي يشعله المنساقون خلف هذا المشهد دون تفكير أو تعقل. ومن الخطير جدا أن تنتقل الحالة الطائفية من الفئويات الضيقة لتجتاح صفوف الجماهير الذين يتحينون المناسبات ليعزفوا على هذا الوتر البغيض. والأخطر أن تبقى هناك وسائل إعلام (صفراء) لا قيمة ولا حياة لها إلا بقدر ما تنفخ في النار المشتعلة. لقد أخذ المنحى الطائفي في عالمنا العربي اليوم مدى واسعا لم نعرفه من قبل بفعل ما ترسمه وتخطط له أجندات طامحة إلى اختطاف ما تبقى من الاستقرار العربي بعد أن تهاوت دول وشعوب عربية تحت مطارق هذه الأجندات ودخلت في أتون الفتنة والتقاتل بين أبناء الوطن الواحد. ولم يكن لهذه الأجندات الكيدية والمتطرفة والمتربصة أن تنجح لو لم تجد أرضا شعبية خصبة تستجيب لتربصاتها بدلا من أن تقطع الطريق عليها على اعتبار أن الدين يجمع ولا يفرق. وأظن أن هذه الحالة الطائفية المستعرة ستستمر طالما سعت هذه الأجندات إلى غاياتها السيئة وطالما لم تتخذ الدول العربية من القوانين والتشريعات ما يلجمها ويحاصر حراس نارها الذين لا يفترون عن تأليب وتحريض العوام على بعضهم البعض. وهذا يعني أننا إذا لم يلتفت بجدية إلى هذه الحالة، سنخسر الكثير على صعيد استقرار الأوطان ونمائها وسلامة أجيالها القادمة. وقد قلت من قبل، ومازلت مصرا على هذا القول، أن حطب الطائفية سيحرق الجميع لأن النار لا تتخير ضحاياها أو تفرزهم بين صالح وطالح أو طابو أول وطابور خامس. كل الناس إذا فتحت معابر الطائفية سواء أمام حريقها ونتائجها المدمرة. وهنا لا بد أن يتحمل الجميع، ومن كل الأطياف، مسؤولياتهم للحد من غلواء الطائفية وقطع رأس فتنتها تجنبا للمكاره المعروفة التي نراها رأي العين في دول مجاورة دفعت من الأثمان الباهظة ما الله به عليم. وأول خطوة على هذا الطريق أن يجرم كل مرتكب قول أو فعل طائفي بأية طريقة أو وسيلة وأن يعاقب ليكون عبرة لمن يعتبر، فأمن الأوطان لا مجاملة فيه ولا هوادة مع من يهددونه.