×
محافظة مكة المكرمة

"الصحة": 3 وفيات و3 إصابات بـ"كورونا" في 24 ساعة

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي شيء ما ينبغي أن يحصل غير اتفاق المصالحة بين حماس والسلطة الوطنية. شيء ما ينبغي أن يتجاوز مألوفه في الخطاب الفلسطيني. فإذا كانت المصالحة ورقة ضغط على إسرائيل والمحافل الدولية أنتجها أبو مازن فقد أفلح في مسعاه. لكن المصالحة بمعناها التكتيكي قد تتكشف لنا في مرحلة ما عن خطأ استراتيجي قاتل. ومن هنا أهمية أن يُطوّر أبو مازن وبقية القادة الفلسطينيين ما تحقق تكتيكياً ليصير مكسباً استراتيجياً للمسألة الفلسطينية. إن تطوير نوع من الإرادة الجمعية أهم خطوة في بناء الأمة أو الجماعة القومية لذاتها ولضرورات تموضعها في الحيز الدولي. فإذا كانت المصالحة الأخيرة خطوة في هذا الاتجاه، فإن ذلك تطور استراتيجي. أما إذا كانت لضرورات المناورة فسرعان ما ستُحسب على الفلسطينيين لا لهم. خطر حصول ذلك وارد في ضوء انغلاق الرواية الفلسطينية على ذاتها. فهي في جانبها العسكري رومانسية غير واقعية - الجناح العسكري لحماس وبعض فصائل تحمل السلاح. وهي في جانبها السياسي تراوح مكانها بعد فشل خيار الدولتين. ومن هنا، أهمية أن تنكسر الحلقة الفلسطينية المفرغة اليوم قبل الغد. فالسنوات الأخيرة من حراك المسألة الفلسطينية كشفت في شكل غير قابل للتأويل أن قوة هذه المسألة في ضعفها، كما قيل عن لبنان سابقاً، أي من دون جناحها العسكري والمراهنة على العنف الذي فتت الجسد الفلسطيني أكثر مما بناه وشيّده. ومن هنا أهمية أن تذهب حماس وغيرها من فصائل الإسلام السياسي أو المقاومة العنفية في طريق التخلي عن خيار العنف نهائياً وبإرادتها. لن تضمحلّ القضية الفلسطينية ولن تغيب إذا دمرت حماس ترسانتها من الصواريخ ورمت السلاح نهائياً، لأن الفلسطينيين باقون هنا وهناك، ولأن تدمير السلاح نهائياً يفتح آفاقاً جديدة للعمل الفلسطيني تتواصل مع لغة العالم وإحقاق الحقوق. لقد أخفق السلاح في إحقاق الحق الفلسطيني بعد 66 عاماً من النكبة! هذه حقيقة لا يُمكن بعد الآن مناقشتها أو دحضها. ولو من هذا القبيل ينبغي التفكير في العزوف عن عسكرة المسألة الفلسطينية والذهاب في طريق المقاومة المدنية التي تحتاج إلى درجة أعلى من التنظيم والتعبئة. المقاومة المدنية ممكنة أكثر عندما يتحرر الفلسطينيون من نهج رد الفعل ويكفّون عن كونهم صدى للاحتلال أو نقيضاً فجّاً لسياسات إسرائيل. يُخيّل إليّ أحياناً أن المسألة الفلسطينية كلها رهينة الاعتقاد الساذج بأنه يكفي إغضاب إسرائيل أو إزعاجها أو تهديدها حتى يستقيم الوضع الفلسطيني ويسترد الفلسطيني توازنه! لقد استطاع أبو مازن أن يكسر هذه المباني المتقادمة في العقلية الفلسطينية، وهو عمل يستحق عليه الثناء والمديح. لكنه علق عند خيار الدولتين المستحيل وانكفأت سياساته هناك. صحيح أن استعداده لتطوير الخيار الديبلوماسي المتمثل بالتوجه إلى الأمم المتحدة وهيئاتها يشكل أفقاً جديراً بالتجريب، لكننا على اعتقاد بوجوب اقتران ذلك بمبادرة فلسطينية وعربية جديدة تتجاوز ما هو متداول. فلا تتحدث فقط عن حلّ بل عن مصالحة تاريخية مع الإسرائيليين توسّع إطار المفاوضات من حيث عدد الملفات المتداولة ورقعة جغرافيا الصراع وتاريخه. فلا تظلّ المفاوضات حول تسهيلات للفلسطينيين وإطلاق سراح أسرى بل تعود لتشمل حق تقرير المصير للفلسطينيين ونوعية العلاقة وإطارها بين الفلسطينيين وبين المجتمع اليهودي على كل المساحة بين البحر والنهر. بمعنى آخر، ينبغي إعادة بناء المسألة الفلسطينية من جديد كمشروع قابل للحياة وللتداول في المحافل الدولية. ولا يكون ذلك إلا بالتخلّص من المباني القابضة على الروح الفلسطينية مثل المراهنة على الصواريخ أو على حلّ الدولتين أو على رحيل اليهود! لقد تقدّم أبو مازن بعض خطوات في هذا الاتجاه وعلى حماس أن توفّر له وللفلسطينيين المزيد من الحيوية لاستكمال ما بدأ!