×
محافظة مكة المكرمة

فتح مظاريف «الواجهة البحرية» بجدة منتصف الشهر الجاري

صورة الخبر

* الأديب حمد القاضي يشبه المدينة العامرة، بكل ما فيها من حب وإلفة وهدوء وعذوبة، يأنف الخراب والدمار وعواصف المشاحنات، صدره مثقل بالهبات الحميمة وتراتيل المصابيح الطوالع، ينقش تواقيعه وحروفه كساقية المداد الخضراء، يصب أكاليل كلماته كانفلاق الضوء وعناقيد المطر، بالأمس صحت الذكريات في داخلي طافية تمور كبؤرة مشعة، وانسربت كالفراشات الملونة حين ترف فوق صمت المروج، تذكرت رحلته الكتابية في مرقاها الإبداعي محفوفة بهتاف الروح والاكتمال الإنساني، مغسولة بالنفحات المتجلية ورجحان القيم، تذكرته قبل أربعين عاماً أو أكثر وهو يدون مشاعره المحضة تحت عنوان "حروف منتحرة" في صحيفة الجزيرة حين كانت تصدر أسبوعية كل ثلاثاء، لينتقل تحليقه وتهويمه الآسر كفيض الألق ومطر الصيف في حلق اليباب إلى عنوان آخر "زوارق مكسرة" يسرّح أفكاره غيمة.. غيمة، ويرسل أفاويقه لتذيب ملوحة الحواس، وجفاف الأحلام وسأم الطباع المتوحشة، واليوم تورق "جداوله" كسلال العطر ووهج البلور، وحفيف الأنفاس النشوى، يختمها كعادته بمقتطف شعري طروب، وقد كستني الحيرة حين ختم أبو بدر جداوله قبل أيام بقوله: بيتان يتدفقان إنسانية للشاعر المهجري "إلياس أبو شبكة"، يصف بهما مشاعره الأبوية نحو ابنته، وهي بين يدي الطبيب الجراح: "رفقاً بها يا مبضع الجراح... شرحت قلب الوالد الملتاح، إن زدت إيلاماً فضحت تجلدي... وجمعت بين صياحها وصياحي"، ولكن محفوظاتي تقول: إن القصيدة يا صاحب الجداول هي للشاعر المهجري الكبير "جورج صيدح" فمن يحكم بيني وبين صاحب "اللسان العف والقلم النزيه"؟. * صديق عزيز يعشق نبش ما بين السطور، والحفر تحت الكلمات في بساطة تحليلية وملكة فهم منفتحة، يسألني عن كثرة توظيفي لحرف "الواو" فيما أكتبه، والإصرار على الاستناد عليه والانقياد له، وبعثرته بصورة غير احترازية، فقلت له: إنني لا أشعر بذلك الحضور الطاغي لحرف الواو أثناء مدارات الكتابة، حيث يكمن ذلك الحرف داخل الكتابة دون شعور من الكاتب، أو الإحساس بالملامسة أو التماس مع ذلك الكائن البهي، وقد سئل عبقري الكلمة المجنحة وفنانها "محمد حسين زيدان" عن ذلك الحرف فقال: "لقد استسغت هذه الواو وما أكثر معانيها، واو العطف، والقسم، والاستئناف، والمعية، والحال، والجماعة، فهل أجد من يلومني حين أحب هذه الواو كجرس بياني، الشاعر يتغزل في "السالف" على خدود الملاح حين يتثنى، فيسمي ذلك "السالف" الذي التوى كأنه الواو فيقول: "واوات الأصداغ" أما فرحتي فقد جاءت على لسان الشاعر غازي القصيبي فهو يسميها "الواو الزيدانية". * هل كان أحمد شوقي ظالماً حين اختزل الإنسانية في الشعراء، ونزعها من غيرهم، وأوهمهم بأنهم شذى الحياة، ووتر الربابة وهديل العشب حين قال: جاذبتني ثوبي العصي وقالت.. أنتم الناس أيها الشعراء؟.