×
محافظة الباحة

جبل «شدا» معلمٌ من عمق التاريخ ... يغيب في حقيبة «الإهمال»!

صورة الخبر

العنوان بعاليه نشرته إحدى الصحف المحلية قبل أسابيع عن دراسة علمية أجريت في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، مفادها أن 47 % من الطالبات الجامعيات لا يعطين التكافؤ الاجتماعي في النسب أهمية في مسألة الزواج، وأن الأولوية لديهن هي معاملتهن بالحسنى ومخافة الله وحسن الخلق. وذكر بحث استطلاعي علمي أجرته الدكتورة "منال الذياب"، أن ما نسبته 42 % من الفتيات السعوديات يوافقن أحيانا على الزواج برجل أقل منهن كفاءة في النسب؛ لصالح أخلاقه وتعامله بالحسنى، في حين أن 10 % من العينة المستطلعة آراؤهن الرفض التام للزواج برجل أقل تكافؤا بالنسب. الجدير بالذكر أن الباحثة قدمت بحثها كرسالة لدرجة الدكتوراه في الفلسفة التربوية في تخصص أصول التربية تحت عنوان: "الخطاب النسوي والوعي بحقوق المرأة في المملكة العربية السعودية، دراسة حالة لطالبات الجامعة" إذ تكونت عينة الدراسة من 1000 طالبة من جامعة الملك عبدالعزيز. إنني أتساءل هل يمكننا من هذه الدراسة أن نقرر بكل دقة بأن نصف السعوديات غير مهتمات بتكافؤ النسب؟، خاصة أن هذه الدراسة طبقت فقط في مدينة واحدة وهي جدة، بل وحتى لو تم تطبيقها في المنطقة الغربية من المملكة، فالدراسة ستكون قاصرة وغير شمولية؛ لأنها انحصرت في بيئة محددة لها سماتها الخاصة، وهذا يظهر بشكل واضح وجلي حتى في بعض المفردات الحجازية، مثل "الدهليز" وهي مفردة هندية، و"الروشان" فارسية، و"الطيرمة" إنجليزية معربة، ما أريد قوله: إن تلاقح الثقافات وتجمعها في الحجاز تاريخيا أكسبها التنوع والاختلاف، مما جعلها بمنزلة الحضارة الفريدة من نوعها، وفي ذات الحال نجد أن مثل هذه المتغيرات التاريخية لم تطرأ على الكثير من المناطق الأخرى في المملكة وما فيها من تكريس لثقافة الجماعة والقبيلة والتفاخر بالأعراف والعادات والتقاليد. من الأهمية بمكان أن يستفاد من هذه الدراسة البحثية ومحاولة تعميمها؛ لتكون نقطة انطلاق لدراسات أخرى في مختلف الجامعات المتوزعة جغرافيا على شتى مناطق المملكة، والأهم من ذلك أن تستفيد الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة العدل وهيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان للاستفادة من نتائجها وعمل التدابير التشريعية والقضائية كافة، اللازمة للقضاء على التكافؤ في النسب كمظهر من مظاهر التمييز العنصري على أساس العرق والنسب، واعتبارها مخالفة لنصوص النظام الأساسي للحكم، وذلك ما نصت عليه المادة 26 التي تؤكد التزام الدولة بحماية حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية، والمادة 8 التي تؤكد على مبدأ العدل والمساواة بين المواطنين، والمادة 9 التي تؤكد بأن الأسرة، هي نواة المجتمع السعودي، ويُربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية والمادة 10 التي تنص على أن الدولة تحرص على توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها، وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم والمادة 11 التي تنص على أن المجتمع السعودي يقوم على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرقهم والمادة 12 التي تنص على أن تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي إلى الفرقة والفتنة والانقسام، فالتفريق في النسب يعد من الإيذاء النفسي، بناء على تعريف نظام الحماية من الإيذاء الذي يشمل إساءة المعاملة النفسية للمرأة، إذ إنه من أشد أنواع الإساءة النفسية قسوة على المرأة أنه بعد زواجها بموافقة والدها، تُفاجأ بعد وفاته، بأن أحد إخوتها، أو أبناء عمومتها قد رفعوا دعوى بتطليقها من زوجها لعدم الكفاءة في النسب، خاصة أنه قد ورد إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الكثير من القضايا في السنوات الأخيرة في ملف عدم الاعتراف بالزواج وطلب التطليق، ولعل ما ينشر في الوسائل الإعلامية بين الفينة والأخرى لهو خير شاهد على ما نقول.