< إيقاع الحياة أصبح سريعاً بسبب المتغيرات التي تحدث كل يوم، كل شيء يتطور ويتغير، تقنية سريعة قربت البعيد وجعلت العالم الكبير قرية صغيرة متواصلة مع بعضها في كل وقت، فما يحدث هناك بدقائق نعلم هنا ماذا حدث والعكس صحيح! أصبح الإنسان نفسه متطلباً ويبحث عن التغيير والتجديد، وأن يعيش حياة أكثر رفاهية وراحة، البعض تجاوز ذلك ليدخل مرحلة الضغوطات، وهنا يتحول من تحقيق الرغبات والأهداف إلى مرحلة متطلبة ومرهقة ومستنزفة من الناحية الذهنية والفكرية والجسدية، فيصاب بالضغوطات المزعجة التي تحول بينه وبين الحياة الهانئة المتوازنة. إن صح التعبير يعيش حياة مضطربة ومزعجة وفي حيرة دائمة، عدم التوازن بين الرغبات والمتطلبات والحاجات يصنع العديد من الأفكار اللامتناهية، فيصبح الفرد أسيراً لها ليل ونهار. ألم تصادفوا أشخاصاً عند سؤالهم أو مبادرة الحديث معهم نجدهم في حال من الشرود الفكري وكأنه في كوكب آخر؟ هذا يوضح أن عملية التفكير تعمل من دون توقف، ألم تلاحظوا أثناء قيامنا من النوم في الصباح أن أجسادنا مرهقة ومتعبة وكأننا لم نأخذ حاجتنا من النوم على رغم ساعات النوم الطويلة؟ هذا دليل على أن عقولنا في حال تفكير مستمرة. هذا الاستنزاف يتحول إلى أجسادنا، يرسل إشارات استغاثة بعدم الراحة أو بخطورة هذه الأعراض. إذاً، ماذا يجب علينا فعله؟ أولاً: التعرف على نظرتنا للحياة، وهل هي نظرة متفائلة قنوعة أم نظرة متشائمة سلبية؟ مشاهدتنا للحياة بصورة جميلة أو بقناعة ورضا سيعكس على حقيقة أفكارنا بأن تكون هي أيضاً إيجابية وغير متكدسة بصورة مزعجة، ستكون هذه الأفكار مريحة، فنحن حقيقة لا نستطيع إيقاف الأفكار نهائياً، لكننا نستطيع تحويلها إلى إيجابية وهي في دورها ستكون في دائرة الهدوء والترتيب بطريقة متوازنة. ثانياً: نستطيع تقليل الأفكار المزعجة إذا استطعنا تقليل حدة هذه الضغوطات ومعرفة مصدرها، ويكون ذلك عن طريق التوازن بين الرغبات والقدرات والإمكانات وكيفية تطبيق ذلك برضا وقناعة، فلا نجبر أنفسنا على ما لا طاقة لنا به ولا نطلب من أنفسنا تحقيق ما ترغب بالقوة، سواء أكان عن طريق ساعات عمل طويلة أم مجهود فوق طاقتنا أم عدم الاستمتاع في لحظاتنا الراهنة، فكم من فرد ظل يعمل سنوات عمره من دون أن يتمتع في الجلوس مع عائلته، وعندما كبر حقق كل ما يطمح فيه حياة من غنية وثرية، لكنه اكتشف فجأة أن الأبناء كبروا وتزوجوا. جميل لو عاش حياة التوازن، فالحياة لا تعني العمل إلى ما لا نهاية أو الجلوس في منطقة الراحة للأبد، الحياة تتطلب التوازن بين الاستمتاع والعمل. ثالثاً: تقل الأفكار والضغوطات إذا ابتعدنا عن الشكوى والتذمر في حديثنا الذاتي أو مع الآخرين، لأن هذه الأفكار والضغوطات تستنزف طاقتنا الذهنية والفكرية وتزيد مساحة السخط، ما ينعكس علينا، لذا جيد أن نبتعد عن كثرة الشكوى والتذمر، وإبدالها بأن نعيش اللحظة ذاتها كما هي برضا وقناعة، وهذا ما سيجلب مزيداً من الأفكار المفرحة والإيجابية، أي المزيد من المواقف الإيجابية، ستزيد مساحة العلاقات الرائعة وستزيد السعادة في قلوبنا، ومن ثم سنتقبل ظروفنا وحاجاتنا، وهذا يجعلنا نصل إلى نقطة جوهرية، سنكون «أكثر قدرة على اتخاذ القرارات»، ستفتح نافذة جديدة لحياة متوازنة خالية من الصراعات. رابعاً: الإيمان الحقيقي بقدرتنا على تحقيق رغباتنا متى ما سنحت الفرصة لذلك، وهذا يجعلنا في حال هادئة ومتوازنة، فلا نجلد النفس بكثرة الطلبات، وهناك فرق بين الطلبات والطموح، الطموح لا يتوقف فهو سر الحياة، لكن الأهم القدرة على التوازن بين التحقيق في ما نرغب وأن نعيش حياة كما نحب من دون ضغط ومن دون أفكار تلوم أو تشعر بالتقصير. خامساً: سؤال أنفسنا، ماذا جنينا من ضجيج الأفكار وكثرة الضغوطات؟ وألم يحن الوقت في تغيير مسار تفكيرنا ومحبة وقبول أنفسنا كما هي من دون جلدها وإرهاقها؟ Haifasafouq@