كانت مقدمة الجربا في افتتاحية المؤتمر مميَّزة، أورد فيها ثلاث قصص في مقدمة ورقته، عن مصرع هاجر الصبية (من حمص)، والطفل حمزة الخطيب (من درعا)، والسلامي غياث مطر(من داريا). هنا نرى أهمية هذا الأسلوب في القبول والإقناع. إنه أقوى من الرصاص. حين تصل الكلمات إلى أمثال هذه النماذج يسكت الكل ويذعن ويخجل ويعترف، ويقول أمثلهم طريقة إن هذا لحق وما نحن بمعجزين. هذا الأسلوب يجب أن نضعه تحت التحليل، ولماذا يستخدمه الجربا في النادي الدولي، حيث احتشدت تظاهرة دولية يوم 22 نوفمبر عام 2014 م من أربعين دولة في مونترو في جنيف لحل الأزمة السورية. هذا الأسلوب يجب أن نعتمده ليس فقط تكتيكاً سياسياً؛ بل منهج عملٍ وعقيدة تغيير. إنه الكفاح السلمي في وجه الأنظمة العاتية. كثير يضحك من كلماتي، ويقول مثل النظام السوري لاينفع معه إلا العصا. يصف البعض النظام السوري بكلمتين: يخاف ولايستحي. في الواقع ليس هذا نهج النظام السوري وحده بل معظم الشمولية، فهي تعرف أنها تحكم بالعصا فلا ينفع معها سوى العصا، وهي تفعل كل شيء من أجل البقاء في السُّلطة لآخر لحظة بأي ثمن ومسوغ، ولكن هل هذا سوى ذلك الطموح الإنساني القديم الذي دخل منه الشيطان لإغراء آدم بشجرة الخلد وملكٍ لا يبلى. في الواقع لذة الحكم في الأنظمة الشمولية لا تضاهيها ولا تقترب منها أي لذة، حيث لا يُسأل عما يفعل. حيث يفعل ما يشاء. حيث يمتلك ما يشاء. أياً كانت النتيجة التي سيخرج بها مؤتمر جنيف2 فقد تغيَّر الشعب السوري، بل تغيَّر الشعب العربي لأنه كسر بوابة الموت والخوف منها. في القرآن الكريم قصة غامضة عن شعب هائم على وجهه في ألوف مؤلفة خرج خوفاً من الموت فمات. جاءت هذه القصة في آخر سورة البقرة وكلها في حديث مسترسل عن معنى الموت. قصة رجل مات قرناً ثم بُعث. سيدنا إبراهيم عليه السلام يسأل عن ظاهرة الموت في تجربة. مواجهة ساخنة أمام نظام عاتٍ يتحدى سيدنا إبراهيم أنه يُميت ويُحيي. تأتي هذه القصة الغامضة أنهم هربوا خوفاً من الموت، فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم. هنا نرى الموت أحد مفردات الحياة. اطلب الموت توهب لك الحياة. ومن هرب خوفاً من الموت فاجأه الموت. والموت قدر لايتأخر ولا يتقدم، ولو كنا في بروج مشيدة. حاول الجبارون مسك الشعوب بهذا الخيط من التعلق بحياة بحرص على أي نوع من الحياة (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة). انتصار الشعب السوري سوف يزلزل منابر «آيات الله» في قمم وأجراس الكرملين وكل الطائفيين البغيضين الذين يعيشون في الزمن الضائع لحراسة قبور وحجارة بشر زائلين.