وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس تصدر كتابا عن الديمقراطية تعترف فيه بأن هدف الولايات المتحدة الأساسي من غزو العراق كان الإطاحة بصدام حسين من الحكم.العرب [نُشر في 2017/05/16، العدد: 10634، ص(6)]الديمقراطية على الطريقة الأميركية واشنطن – ألقى وزير الخارجية ريكس تيلرسون مؤخرا خطابا فصل فيه القيم الأميركية عن المصالح الأميركية. واعترف أنه بالرغم من أن القيم ثابتة ورغم الالتزام الأميركي بها، خصوصا ما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان إلا أن هناك أوقاتا تفرض فيها بعض المصالح الاقتصادية والأمنية أن نترك هذه القيم جانبا. من بين المساندين المؤثرين لتيلرسون نجد وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس التي أشادت بتعيين المدير التنفيذي لشركة أكسون موبيل سابقا رئيسا للدبلوماسية الأميركية. ولعلّ من أكثر ما يثبت صحة ما جاء في خطاب تيلرسون تجربة رايس باعتبارها أحد عرابي الغزو الأميركي للعراق سنة 2003. لم تأت رايس بالجديد عندما اعترفت مؤخرا بأن “هدف الولايات المتحدة الأساسي من غزوها للعراق لم يكن أسلحة الدمار الشامل ولا لجلب الديمقراطية بل بسبب مشكلة أمنية بحتة، تتعلق بوجود صدام حسين في الحكم”. لكن، ورغم ما حل بالعراق ومنطقة الشرق الأوسط بسبب مشروع الفوضى الخلاقة الذي بشرت به رايس، مازالت مستشارة الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش الابن تزعم أن “المؤسسات الديمقراطية (على الطريقة الأميركية) هي الأمل الأفضل للبشرية بما في ذلك في الشرق الأوسط”، وتبدي أسفها لأن “الشرق الأوسط لا يلقى الاهتمام الكافي من جهود نشر الديمقراطية”. جاء هذا الحديث في إصداراتها والذي اختارت له عنوان “الديمقراطية: حكايا من الطريق الطويل نحو الحرية”، وكتبت تقول “كسبت الديمقراطية منخرطين في سياق هذا النظام العالمي. هل تستطيع أن تستمر في ذلك إذا انسحبت أميركا وغيرها من مسؤولياتهم تجاه النظام الذي خلقوه؟ ماذا سيحدث لأولئك الذين مازالوا يبحثون عن الحرية في عالم قيل له بأن يشق طريقه الخاص به لوحده؟ ما مصير أولئك الذين لا يزالون يعيشون في كنف الاستبداد إذا توقفنا عن القول للآخرين بأن الديمقراطية شكل حكم راق وبأن مبادئها كونية؟”. وانتقد المحلل في صحيفة واشنطن بوست كارلوس لوزادا ما جاء في أحاديث رايس عن الديمقراطية، واصفا كتاب رايس بأنه أشبه بكتاب رحلات، وفيه “تأخذنا رايس إلى روسيا وكينيا وكولومبيا وبولندا والعراق إلى جانب أماكن أخرى وتستعرض نضالات كل بلد من أجل الديمقراطية. تمزج بين الواقعية والمثالية إلى حد أننا إزاء كتاب يتطلع إلى النجوم ورجلاه مقيدتان إلى الأرض”. تسخّر وزيرة الخارجية الأميركية السابقة أطول فصل في الكتاب للشرق الأوسط حيث تدافع عن المواقف الخلافية الماضية وتتخذ النظرة طويلة المدى. تلوم البنتاغون على تسخير عدد قليل من الجنود لتأمين العراق ما بعد غزو 2003 وتنتقد المبعوث بول بريمر على حل الجيش العراقي، إضافة إلى إخفاقات أخرى في الحياة الإمبريالية. وتحصر رايس إخفاقاتها في دورها كمستشارة للأمن القومي خلال فترة بوش الأولى عندما حدث في حالات كثيرة أن تصادم البنتاغون مع وزارة الخارجية. وكتبت تقول “شعرت بأني أخفقت في ربط الأجزاء المختلفة مع بعضها البعض لتكوّن وحدة كاملة متماسكة”. وتذكر ملاحظة غير ملائمة أثناء حرب لبنان لسنة 2006 حيث قالت “نحن نشهد آلام ولادة شرق أوسط جديد”، وتعتقد الآن أنها كانت صائبة. وتضيف “الأحداث المضطربة للعشرية الأخيرة أدت بالفعل إلى تمزيق خارطة المنطقة ورمت جانبا بأعمدة النظام القديم. هناك شرق أوسط جديد يتبلور عبر الحرب والفوضى والثورة، وفي بعض الحالات الإصلاح”. لم تخف رايس خشيتها من أن يقلب تقدم النزعة القومية في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى النظام العالمي الذي سعى إلى نشر الحرية. وتشرح بأنه عندما تتعثر الديمقراطيات الحديثة تكون عادة “قصة سلطة تنفيذية يفوق حجمها حجم المؤسسات الأخرى”. وتقول إن الرجال الأقوياء أصبحوا متخفّين أكثر مما كانوا في الماضي، “في عالمنا المترابط في أيامنا هذه، أصبحت السلطوية الزاحفة والمتخفية لدى القادة المنتخبين غير الليبراليين خطرا على الديمقراطية أكبر من قيامهم بسحقها بالدبابات في ساحة المدينة”. ويختم كارلوس لوزادا قراءته لكتاب مهندسة مشروع الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط الجديد ساخرا “أنا ممتن إلى أن رايس بذلت المجهود، لكن حججها واستنتاجاتها لا تنسجم دائما. ربما من المبكر تقديم تأويلات نهائية، أو ربما تكون كلمات رايس ‘مفرومة’ نوعا ما”.