×
محافظة مكة المكرمة

جدة.. مدينة «حايرة»!

صورة الخبر

يشكل قصر القامة هاجسا للكثيرين منا خاصة أولئك الذين يعيشون في بيئة يغلب عليها طوال القامة. وهنا لا أتحدث عن قصار القامة لأسباب مرضية معينة ولكن أتحدث عن قصار القامة لسبب غير معروف والذي أثبتت لديهم التحاليل المخبرية والهرمونية سلامتهم وصحتهم. لقد وافقت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية على استخدام هرمون النمو لهذه الشريحة من الناس وذلك أن هناك دراسات استمرت أكثر من أربع سنوات أبانت أن لهرمون النمو فاعلية في هؤلاء الأشخاص. والتساؤل الآن أن نسبة لا بأس بها منا تقع في شريحة قصار القامة بالنسبة للأمريكيين فهل لهرمون النمو قدرة في تحسين طول القامة لدى السعوديين القصار نوعا ما والذين لا يعانون من أمراض معينة وهل على ضوء السماح الأخير لإدارة الدواء والغذاء الأمريكية لاستخدام هرمون النمو في قصار القامة غير المرضى أي السليمين، هل سيطالبنا كل قصير سعودي على منحنيات الطول الأمريكية باستخدام هرمون النمو. لا شك أن هذه الأسئلة مهمة ومتداولة وخاصة بعد ظهور نتائج هذه الدراسات وبعد موافقة إدارة الدواء والغذاء الأمريكية على الاستخدام الجديد لهرمون النمو. في حقيقة الأمر، أن الكثير من المرضى أومن قصيري القامة وبالرغم من عدم اطلاعهم على هذه الدراسات وهذه المستجدات يطالبون أطباء الهرمونات باستخدام هرمون النمو لهم أو لأبنائهم وهم يعلمون أنهم لا يعانون من أي مرض معين سوى قصر القامة. وقد يكون سبب كتابتي لهذه المقالة هو محاولة توضيح الصورة للمشتكي من قصر القامة من المرضي وكذلك توضيح الصورة كذلك لطبيب الأطفال موقفنا من هذه المستجدات. بداية، أن أمر موافقة إدارة الدواء والغذاء الأمريكية لاستخدام هرمون النمو في قصار القامة السليمين ليس بالأمر الحديث. فقد وافقت الإدارة على ذلك في عام 2003 ميلادية وليس الآن، والذي حدث الآن هو مجرد تداول هذا الأمر عبر وسائل الإعلام المختلفة وخاصة الواتس أب والذي أصبح مصدر المعلومة الطبية وغير الطبية الأولى في عالمنا العربي. فقد تناقلت وسائل الواتس أب أن هرمون النمو ليس فقط للمريض الفاقد له ولكن أيضا للشخص السليم هرمونيا والقصير طوليا وذلك حسب المصادر العلمية الأمريكية. والخبر صحيح من الناحية العلمية ولكن قد يكون من الخطأ إطلاقه دون وضع حدود له ومعرفة أبعاده. أولا متى يطلق على قصير القامة أنه قصير. هناك منحنيات خاصة ومقاييس محددة يمكن للطبيب الرجوع إليها لتحديد الطول الطبيعي للإنسان. ولكن بصفة عامة فإن طول الطفل الطبيعي عند الولادة يكون عادة 50 سنتيمترا ويزيد حوالي 25 سنتيمترا في السنة الأولى من العمر و12 سنتيمترا في السنة الثانية من العمر وبعد ذلك تكون الزيادة السنوية 6 سنتيمترات كل عام حتى فترة البلوغ حيث تكون الزيادة متفاوتة بين الرجل والمرأة وبين شخص ما وشخص أخر. ومن الأسباب المرضية لنقص الطول التي أقر فيها استخدام هرمون النمو والذي يرغب في استخدامه كل من هو قصير قامته بغية مزيد من الطول هي: الأطفال الذين يعانون من نقص هرمون النمو الوراثي والمكتسب. وتشمل هذه الأسباب ضمور الغدة النخامية أو العيوب الجينية لهرمون النمو وبعض المتلازمات. وأيضاً بعض أورام المخ والعلاج الإشعاعي أو الكيميائي أو الجراحي. الفشل الكلوي: لقد أثبتت الدراسات معاناة الأطفال المصابين بالفشل الكلوي من قصر القامة وتحسنهم الطولي باستخدام هرمون النمو ما أدى إلى إفراز استخدام هرمون النمو في مرضى الفشل الكلوي من الأطفال من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. مرض تيرنر: وهو مرض يصيب الفتيات ويؤدي إلى نقص إحدى كروموسومات X ويصاحبه نقص في الطول وعيوب خلقية عديدة كأمراض القلب والغدة الدرقية وضمور المبايض وتأخر البلوغ. نقص وزن الوليد: إن المواليد التي تنقص أوزانهم عن 2.2كجم عند الولادة نتيجة لخلل أثناء الحمل ناشئ من الأم أو المشيمة أو أن الجنين نفسه قد يكون مؤهلاً لاستخدام هرمون النمو. لقد دلت الدراسات أن أكثر من ثلث هؤلاء المواليد يكونون قليلي الوزن والطول أيضاً وأن غالبيتهم لا يتحسن طولهم بمرور العمر. لذا كان استخدام هرمون النمو مبرراً لهم. كما دلت الدراسات أنهم يستجيبون طولياً لهذا العلاج.متلازمة برادر: وتكون هذه المتلازمة بسبب خلل جيني على الكروموسوم (15) وتتصف هذه الحالة بالبدانة وقصر القامة والتأخر الذهني وتأخر البلوغ. أيضاً دلت بعض الدراسات استجابة هؤلاء المرضى لعلاج هرمون النمو بالرغم من أنهم لا يعانون من نقص الهرمون. هذه هي الحالات التي يستخدم فيها هرمون النمو أما نقص الطول خارج نطاق الحالات السابقة فعادة لا يستخدم فيه هرمون النمو، إلا إذا كان الشخص طوليا أقل من الطول الطبيعي ب 2.5 انحرافا معياريا وقد يكون هذا التعبير غريبا نوعا ما على الشخص غير الضليع في عالم الإحصاء ولكن بطريقة سهلة أي أنه إذا كان طول الشخص الذي يبلغ من العمر 10 سنوات مثلا أقل من الطبيعي بسبعة أو ثمانية سنتمترات تقريبا يعتبر أن طوله ناقصا بمقدار 2.5 انحرافا معياريا. وهذا يعني أن نقص الطول لابد أن يكون كبيرا قبل أن يفكر الطبيب باستخدام هرمون النمو للشخص القصير طوليا والسليم جسديا. وليس كل شخص يحق له استخدام هرمون النمو وأيضا لابد للطبيب متابعة الشخص المستخدم للهرمون لمعرفة مدى التحسن فليس كل قصير يستفيد من هرمون النمو وخاصة أولئك الذين لا يعانون من نقص الهرمون، فيجب على الطبيب قياس سرعة الطول وهو مقدار الطول على مدار السنة. فإن كانت سرعة الطول مع استخدام هرمون النمو أفضل من قبل استخدامه فيكون ذلك مؤشرا إيجابيا في الاستمرار في وصف هرمون النمو لهذا الشخص القصير طوليا والسليم هرمونيا. هذا ما أردت توضيحه؛ وذلك لأن مشاكل النمو وقصر القامة تعتبر من أكثر الحالات التي تتردد على عيادة طبيب الأطفال المتخصص في علاج أمراض الغدد الصماء والهرمونات، وبالرغم من التباين الواضح بين الناس في أطوالهم وأوزانهم فإن الآباء والأمهات يسعون دائماً لأن يكون النمو لدى أطفالهم هوالنمو المثالي، وهم في حقيقة الأمر معذورون فيما يسعون إليه، لأن الطفل الذي يعاني من قصر القامة كثيراً ما يرتد عليه ذلك بمشاكل نفسية واجتماعية ومهنية مستقبلاً.