تبحث الأندية السعودية عن لاعبين ومدربين للموسم الجديد، وبعلاقاتي مع كثير من الوكلاء حول العالم، لاحظت أن كثيرا من الأخبار يتم ترويجها في الفترة الأخيرة بهدف التسويق بعيدا عن مصداقية الخبر. ويستخدم كثير من وكلاء الصحافة السعودية لتمرير ما يريدون للضغط على الأندية جماهيريا ولترويج أسماء وكلائهم وإدخال الأندية السعودية والإماراتية والقطرية تحديدا في مزايدات علنية ميدانها الجمهور. المدرب الروماني لورينتو ريجيكوف مدرب ستيوا بوخارست متصدر الدوري في بلاده حاليا مع تبقي خمس جولات، لم يخسر إلا مرة واحدة فقط، وتبقى في عقده عام ونصف، ريجيكوف تعاقد مع ستيوا بخمسمائة ألف يورو مرتبا سنويا، يضاف إليها المبلغ نفسه إذا تأهل إلى دوري الأبطال وهو ما حدث، وحتى يفسخ عقده مع الفريق الروماني يحتاج إلى دفع مليون يورو، وهو من المرشحين البارزين لقيادة المنتخب الوطني هناك. تداول اسم ريجيكوف في الإعلام الفترة الماضية، جعلني أبحث عن المدرب الروماني حتى وصلت إليه، قال بالنص: لن أقبل الذهاب إلى السعودية إلا بعقد يمتد عامين وبمرتب سنوي لا يقل عن مليوني يورو إضافة إلى الشرط الجزائي. قلت له لماذا هذا الرقم تحديدا؟ أجاب: الوكلاء أشاروا بذلك. قلت له: هل تلقيت عروضا رسمية؟ قال: تلقيت اتصالات من وكلاء أعمال يقولون إن أندية في الإمارات والسعودية ترغب في التعاقد معي. سألته: هل تعرف أسماء الأندية أو تلقيت اتصالات من مسؤوليها؟ قال: لا. .. بين أنديتنا وريجيكوف يقف وكيلان، أحدهما في رومانيا، والآخر في السعودية، وكل واحد منهما لديه عرضه الخاص وفق معرفته بتفاصيل الأمور المالية والإدارية في النادي المستهدف. وهو ما يجعل الأسعار تتعالى وتتصاعد إلى أرقام غير منطقية وصلت إلى ثلاثة أضعاف عقده الحالي. مرتب سنوي يصل إلى 500 ألف يورو، يتضاعف إلى مليوني يورو، مضافا إليها مليونان شرطا جزائيا، رقم كبير، لا تسأل عن كيفية تصاعده بهذا الشكل العجيب بل ابحث عن التفاصيل وستجد الجواب. أمام هذا الاستهداف الممنهج لأنديتنا، لا تتعلم إدارات الأندية من التجارب، بل تسير دائما على الطريق ذاتها في كل مرة، ولذلك يتصاعد الرقم في كل مرة، ماذا نفعل؟ أقترح على أنديتنا أن تنشئ إدارات خاصة بالتسويق والتفاوض، تلغي تعدد الوسطاء، وتتصل بالوكيل الرسمي المباشر لأي لاعب أو مدرب، وفي هذا تخفيض كبير لمبالغ التعاقدات، ومعرفة كاملة بالتفاصيل التي لا تصل إليهم، فيضطرون لتصديق كل ما يسمعونه من الوسطاء. في الدوري المصري أو التونسي مثلا، أصبحت الأندية هناك مصدرا مهما للاعبين الأفارقة إلى الأندية الأوروبية، وباتت تحقق أرباحا ممتازة، بسبب أن من يتعاقد مع هؤلاء اللاعبين الصاعدين، عيون مصرية تونسية فنية فاحصة بعيدا عن سلسلة الوكلاء التي لا تنتهي. من يصدق أن لاعبين أفارقة هدافين في الدوري المصري لا تتعدى رواتبهم أكثر من خمسة آلاف دولار شهريا، ويتم بيع عقودهم لاحقا بأضعاف مضاعفة على فرق أوروبية. تضم الأندية السعودية الكثير من المدربين العاطلين، لماذا لا يتم استثمار قدراتهم الفنية في مراقبة مباشرة لمدربين ولاعبين في رومانيا، غانا، ساحل العاج، نيجيريا؟ ومتأكد أن العقود لن تتجاوز ربع مليون يورو، بدلا من ثلاثة ملايين.