أحمد عبد الستار | كشف النائب محمد الدلال أن الحركة الدستورية الإسلامية لا ترى مبررا لـ «عدم التعاون» مع رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك خلال المرحلة الحالية، مؤكدا أن العهد الذي بين الحكومة وبيننا هو عودة الجناسي المسحوبة، وتعديل وثيقة الإصلاح الاقتصادي. وتوقع الدلال في حوار مع القبس أن عودة الجناسي ستكون في غضون شهر من الآن، مشيرا إلى أن شطب أحد استجوابي المبارك ضمن خيارات الحكومة المفتوحة «ونحن ضد هذا الخيار، كما نرفض الإحالة إلى المحكمة الدستورية أو التشريعية أو المناقشة السرية». وأوضح أن اللجنة التشريعية سبق وتلقت إشارات حكومية بشأن قبول تعديلات المحكمة الإدارية لبسط سلطان القضاء على سحب الجناسي، إلا أن الانقسام الحكومي بشأن القضية أدى إلى التراجع عن تلك الوعود. ورجح الدلال أن يكمل مجلس الأمة مدته الدستورية، مشيرا إلى أن خيار الحل مستبعد ولا مبرر له، وأن هناك أغلبية نيابية ترفض التأزيم الذي يؤدي إلى زوال المجلس. وشدد على أن المعارضة لم تعد جسدا واحدا الآن، وأن «حدس» ليست طرفا في التسوية السياسية التي تم الحديث عنها مؤخرا بعد خطاب النائب مسلم البراك، معتبرا أن الخطاب تضمن رؤية مستقبلية متزنة للعمل السياسي. وقال الدلال إن العودة إلى العمل البرلماني كان نتاج مراجعات أجرتها الحركة الدستورية، «ولدينا جرأة الاعتراف بالخطأ»، مشيرا إلى أن كثيرا من المواقف إبان فترة الحراك بعضها إيجابي وآخر خاطئ، وان عددا من المواقف كان لها ما يبررها، ومنها نزول عشرات الآلاف ضد نظام الصوت الواحد. ● هل أحيل تقرير اللجنة بشأن قضية منصب نائب رئيس مجلس الأمة إلى المحكمة الدستورية؟ – اللجنة انتهت من التقرير منذ فترة طويلة، وساهمت مع المستشارين في المجلس بإعداد الطلب الذي سيرفع إلى المحكمة الدستورية، والمفترض أن يكون قد أحيل الطلب، وأتوقع أن يتم إنهاء الحكم خلال شهرين إذا لم تدخل المحكمة في موسم الإجازة. ● هل تلقيتم في اللجنة التشريعية وعودا حكومية بشأن قبول تعديلات المحكمة الإدارية خلال اجتماعات اللجنة قبل أن ترفض الحكومة القانون خلال جلسة التصويت عليه؟ – كان لدينا شعور بوجود قبول بتعديل قانون المحكمة الإدارية، وهذا الشعور انعكس علينا إيجابا. ● من أين أتى هذا الشعور.. لم نسمع وزيرا تحدث عن موقف محدد في هذا الخصوص، إلا حديث الوزير محمد العبد الله عن «تقرير إيجابي» لم تحدد ملامحه ؟ – اللجنة التقت مع مسؤولين حكوميين ووزراء، وتلمست منهم إمكانية الموافقة على تعديل قانون المحكمة الإدارية بالصورة التي انتهت إليها اللجنة، وهذا الانطباع لم يستمر إلى يوم مناقشة القانون بالطبع، حيث جاء إلينا خطاب رسمي بالرفض، ولنقل إن الحكومة كان فيها رأيان من القانون. ● هل كانت الحكومة منقسمة على نفسها إزاء القانون؟ – أعتقد كانت منقسمة ومترددة تجاه التعديل، وكانت تواجه إشكال رفض منح القضاء الولاية على هذه القضية. المحكمة الإدارية ● من الطرف أو الأطراف الحكومية التي كانت تؤيد تعديلات قانون المحكمة الإدارية؟ – هذا كلام دار خلال اجتماعات اللجنة، وهي اجتماعات سرية، والمجالس أمانات بالنهاية. ● هل اعتبرتم موقف الحكومة الرافض لقانون المحكمة الإدارية تراجعا عن التفاهمات التي جرت خلال المرحلة السابقة، لا سيما على صعيد قضية عودة الجناسي؟ – التفاهمات مع الحكومة تقتصر على أمرين، الأول عودة الجناسي إلى الأسر التي سحبت منهم بغير حق، والأمر الثاني، هو وثيقة الإصلاح الاقتصادي، وقوانين الجنسية ليست داخلة في التفاهمات مع الحكومة، أما القضايا الأخرى ستكون محل أخذ وعطاء مع الجانب الحكومي. وبلا شك لم نشعر بارتياح مما انتهت إليه جلسة النظر في قانون المحكمة الإدارية، واعتبرناه تراجعا دستوريا وديموقراطيا مبنيا على مبررات واهية. الحكومة حشدت لهذا الموضوع لكن لم تسوق لرفضها بطريق صحيح وسليم، وآثرت أن تتجاوز القانون والقضاء، وكأنها فوق البرلمان وحقوق الأفراد. ● هل تتوقع قرارا وشيكا بعودة الجناسي؟ – متفائل جدا، وأتوقع خلال الأسبوعين أو الأسابيع الثلاثة المقبلة أن ترجع بعض الجناسي. وفي قضية إرجاع الجناسي لا مجال للتراجع، وحتى الآن القضية في مسارها الطبيعي، وأعتقد أن أقصى حد لنتائج إرجاع الجناسي أنها ستظهر خلال شهر، ورأينا أن الأخ سعد العجمي دخل الكويت حسب الاتفاق، ولجنة الجناسي تم تشكيلها، وبدأت تعمل حسب الاتفاق وتبحث الملفات. وثيقة الإصلاح ● ذكرت أن وثيقة الإصلاح إحدى نقاط الارتكاز في التفاهمات التي جرت مع الحكومة، هل يدخل ضمنها قرار رفع أسعار البنزين؟ – أحد التوجهات الرئيسة هو تجميد الوثيقة وإعادة النظر فيها وتم قطع شوط في ذلك الأمر، وكذلك هناك إعادة النظر في موضوع سعر البنزين وتعرفة الكهرباء، وأن تكون هناك رؤية محددة ومكتوبة لوقف الهدر في الأجهزة الحكومية. ● هل الاطمئنان الحكومي للعبور الآمن من جلسة استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك راجع إلى اتفاق تحصين المبارك ؟ – الاستجواب حق للأعضاء، وهناك نقاط تضمنتها الاستجوابات تحتاج إجابة، ومن سيقيم الاستجوابات هو المجلس، ويجب أن نقرأ كل التصريحات الصادرة من المستجوبين أو الحكومة في إطار اللعبة السياسية. وكثير من الأعضاء لا يرغبون في التأزيم الذي يؤدي إلى زوال المجلس، وقد يؤدي استجواب رئيس الوزراء إلى زوال المجلس وعدم التعاون، إذا وصل الأمر إلى طلب طرح الثقة. ● بحسب استيضاح المبارك بخصوص استجواب النائبين رياض العدساني وشعيب المويزري، أن الاستجواب لا يصلح للمناقشة .. فما تقييمك لذلك؟ – هناك نقاط بالتأكيد تحتاج إلى إجابات، ومنها ما يتعلق ببرنامج الحكومة، ومن حق المستجوب أن يطلب تفاصيل، والتقييم في النهاية لأعضاء مجلس الأمة. ● هل هذا يعني أنك لم تحدد موقفك من الاستجواب؟ – لست مع التصعيد خلال هذه المرحلة، ولا أرى أن نصل إلى عدم التعاون، لكن هذا لا يعني عدم تقديم استجوابات. موقف ● كيف سيكون موقفكم في حال طلبت الحكومة إحالة أي من الاستجوابين إلى اللجنة التشريعية أو الدستورية أو حذف محاور؟ – كلا الطرفين يحاول تقوية موقفه، وهناك تحركات من قبل الحكومة قد تلجأ إليها، وكل استجواب له وضعه الخاص، فقد ترى شطب استجواب أو إحالته إلى المحكمة الدستورية، وقد يصعد الرئيس في استجواب آخر، وكل الاحتمالات واردة، ولسنا مع الإحالة إلى الدستورية أو التشريعية أو المناقشة السرية أو الشطب. ● إذا لجأت الحكومة لأي من هذه الخيارات، هل يمكن أن يتغير موقفكم من الاستجواب؟ – لا يغير موقفنا، موقفنا من التفاهم في قضية الجناسي ووثيقة الإصلاح مرتبط بعدم التوقيع على طلب عدم التعاون، أما خلاف ذلك، فهذه مواقف سياسية وبرلمانية، والأمور تقدر بقدرها. ● ما الذي يعطل مناقشة وثيقة الإصلاح الاقتصادي حتى الآن في مجلس الأمة؟ – تقدمت بطلب لمناقشة الوثيقة مع مجموعة من النواب بعد انعقاد المجلس بيومين، وكان مقررا موعد المناقشة في 10 يناير، لكن الحكومة تتهرب من مناقشة هذه القضية، وللأسف الوثيقة لم تبن على أسس سليمة، وعدم تعديل الوثيقة حتى الآن دليل غياب رؤية الحكومة الاقتصادية، الحكومة ذهبت للأسف للدعوم وتناست الفساد والهدر في المؤسسات الحكومية. ● هل ترى أن هجوم النائب رياض العدساني على من وصفهم بـ«الحلفاء الجدد» للحكومة يطال بشظاياه الحركة الدستورية الإسلامية؟ – كل تفاهم مع الحكومة من مجموعة برلمانية سيقابله تأييد ورفض من قبل البعض، ونحن لسنا طرفا حكوميا، ونرى أن من المصلحة أن نتفق مع الحكومة في أمور ونختلف في أخرى، لو كنا طرفا حكوميا لما صعدنا في قضية الصحة وتمسكنا بقانون المحكمة الإدارية، لكن لسنا في النهاية في حرب وقتال مع الحكومة. هناك اغلبية من النواب ترغب في هذه التفاهمات والتوافقات، والذي لا يتفق معنا لا نتهمه بأنه لا يدرك أهميتها، لكن نحترم وجهة نظره، والشارع يفهم أن التفاهمات ترمي إلى تحقيق مصلحة عامة. التوافق والتفاهم ● تحول الحركة الدستورية من الخطاب ذي السقف المرتفع إلى مرحلة التوافقات والتفاهمات جعل من السؤال عن وضع «حدس» السياسي سؤالا مستحقا؟ – سبق أن قطعت الحركة شوطا كبيرا في إطار المعارضة، ومازلنا نتمسك ببعض القضايا، منها قضية الصوت الواحد، والحريات، وبعد فترة من العمل في المعارضة والشارع قمنا بعملية مراجعة، ودخولنا المجلس من جديد هو أحد آثار هذه المراجعة. وهناك مجموعة ممن كانوا في حراك المعارضة وجدوا أنه من المناسب أن يدخلوا البرلمان بنفسية الإصلاحيين والتوافق والتصالح، إذا كانت هناك أمور إيجابية، ودعمنا توجه رئيسي السلطتين لحلحة عدد من القضايا، وجئنا لنحقق التوازن في المجتمع. ● لكن لماذا لم يعترف العائدون من المقاطعة بأخطائهم في المرحلة الماضية؟ – المعارضة الآن ليست جسدا واحدا، وهناك من تكلم عن وجود أخطاء، وأنا أحد من اعترف بذلك، وكذلك النائب السابق مسلم البراك وآخرون، ولدينا الجرأة أن نعترف بالأخطاء. لكن يجب ألا نجلد ذاتنا كذلك، فهناك مبرر لكثير من المواقف التي اتخذت، كان الأمر مبنيا على أسس سليمة وله ما يبرره. قناعتي التي توصلت إليها، هو أن الإنجاز لا يتحقق إلا بالتوافق، وتاريخ الكويت يقول ذلك. ● هل ترى أن المجلس قادر على استكمال مدته الدستورية؟ – المجلس باق بإذن الله ، وفرص بقائه أكبر من فرص انتهاء مدته قبل المواعيد المحددة، لكن في النهاية نحن في الكويت، ومن الناحية السياسية لا نجد مبررا يستوجب حل البرلمان، بل هناك تفاهمات وتوافقات ويمكن أن يحقق هذا المجلس الشيء الكثير. لكن ما نأمله أن تكون هناك إدارة جيدة، ونأمل أن تكون هناك إدارة حكومية سياسية وتنفيذية قوية، ورؤية ورغبة لمواجهة الفساد والقضاء عليه، وإن أنجزت الحكومة فلن تترك فرصة للتصعيد. المجلس يتحمل جزءا من المسؤولية، لكن دوره تشريعي ورقابي، والقضية الأساسية في إدارة البلد، ووفق النظام الانتخابي للصوت الواحد لا يمكن خلق مجاميع نيابية متفقة في البرامج. المشروع الإيراني تطرق الدلال إلى مجموعة من التحديات الإقليمية المحيطة بالكويت، مؤكدا أن سياسة سمو الأمير في التعامل مع التحديات الخارجية كان لها الدور الكبير في الاستقرار والابتعاد عن بؤر الصراع، وإن كنا في موقف جغرافي لا نحسد عليه. وأضاف الدلال: أمامنا تحديات رئيسية، منها مشروع إيران التوسعي، وقد أساءت إلى الكويت من خلال خلية العبدلي والشبكة التجسسية، وتحدي الحرب في العراق وداعش أيضا، وكذلك هناك تحد يتمثل في دعم المملكة السعودية لإنهاء الحرب في اليمن، وإنهاء الإشكال في سوريا. رسالة أخيرة وجه الدلال رسالة إلى الحكومة في نهاية الحوار، قال فيها: مددنا يدنا بالتعاون وسنمدها، ومطلوب من الحكومة أن يكون لديها تصورات ورؤى ومبادرات واضحة، وحتى الآن هي لا تملك ذلك، وإذا وجدنا أخطاء لدى أي من الوزراء سنمارس صلاحياتنا وحقوقنا الدستورية في المساءلة. التسوية السياسية وخطاب البراك سألت القبس الدلال عما يتردد بأن هناك تسوية كبيرة تم ربطها بخطاب النائب السابق مسلم البراك، تشمل حتى تعديل النظام الانتخابي، وكانت إجابته كالتالي: بداية أعتقد أن خطاب البراك موفق وحكيم ومتوازن ويتضمن رؤية مستقبلية للعمل السياسي، أما عن التفاهمات التي تتردد، فنحن في الحركة لم نشارك في هذا الأمر، ولسنا طرفا في أي ترتيبات. ولا شك في تأييدي للبراك في العفو العام ودعم الحريات وتعديل النظام الانتخابي، وكثير مما يتداول عن تسويات سياسية ودور الحركة فيها عبارة عن إشاعات، ومنها ما قيل عن أن البراك سيقابل شخصية سياسية كبرى. أولويات «التشريعية» أكد الدلال أن اللجنة التشريعية من أهم لجان المجلس، وكل القوانين تمر عبرها، وهي من أنشط اللجان، وتم رفع تقارير كثيرة إلى جدول أعمال مجلس الأمة بلغت حوالي 72 تقريرا. وأوضح أن اللجنة بحثت أكثرمن 123 مقترحا بقانون، وأولوياتنا خلال المرحلة المقبلة تتمثل في قوانين مكافحة الفساد وتعارض المصالح وحق الاطلاع والشفافية، كذلك هناك قوانين مهمة منها تنظيم القضاء ومحكمة الأسرة والمناصب القيادية.