تكريت د ب أ أفرزت الانتخابات التشريعية العراقية معطيات عديدة انفردت بها عن الانتخابات في مختلف دول العالم. واتخذت الدعاية الانتخابية مسارات غير مألوفة بسبب التنوع الكبير في المجتمع العراقي. ويعد موضوع كلفة الناخب العراقي من أهم الأمور التي أفرزتها الانتخابات المقرر أن تُجرى الأربعاء المقبل. وقال الأستاذ في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة تكريت، محمد يونس، إن «كلفة الناخب في العراق تبلغ 7 دولارات أمريكية للمواطن الواحد بينما الكلفة الحقيقية لانتخاب الشخص في مختلف دول العالم لا تتجاوز 33 سنتاً ما يؤشر إلى الكلفة العالية للانتخابات والتي أرهقت موازنة الدولة التي تعاني من العجز». وأضاف أن «هذا المبلغ لا يشمل الإجراءات الأمنية وتعطيل حركة الدولة ومختلف الفعاليات المرتبطة بالانتخابات وهو يمثل فقط المستلزمات اللوجستية الداعمة للانتخابات من ورق وأحبار وصناديق وبطاقة الناخب الإلكترونية وأجهزة الحاسوب والعد والفرز ولا تدخل فيها رواتب موظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات». أما الدعاية الانتخابية فاتخذت أشكالاً جديدة ومكلفة للغاية، حيث أُنفِقَت فيها أرقام خيالية يقدرها بعضهم بحوالى 750 مليون دولار صُرِفَت في معظمها من الكيانات الكبيرة المسيطرة على الساحة السياسية في العراق. ويقدر يونس حجم الأموال المصروفة بأنها «يمكن أن تبني آلاف المساكن منخفضة التكلفة للعوائل التي تسكن في بيوت من الصفيح حتى في العاصمة بغداد»، موضحاً أن كميات الحديد التي استُخدِمَت في الدعاية الانتخابية تقدَّر بآلاف الأطنان. وابتدع المرشحون العراقيون لمجلس النواب أساليب كثيرة للفت انتباه الجماهير إليهم واستمالتهم إلى كتلهم والحصول على أصواتهم وكان الغناء من أكثر الوسائل انتشاراً في الدعاية الانتخابية لمرشحي محافظة صلاح الدين من الكتل الكبيرة ما أنعش بعض المهن التي كادت أن تنقرض بسبب الأجواء غير المستقرة في البلد كالغناء والموسيقى واستوديوهات التسجيل والمطربين. ويقول ليث عبدالله، وهو صاحب مكتب إعلان في تكريت، إن «كلفة أغنية واحدة لأحد المرشحين وصلت إلى 20 ألف دولار من دون كلفة بثها على الفضائيات.. إنها أرقام خيالية تُدفَع كلها من خزينة المواطن». وأضاف عبدالله أن «الانتخابات أنعشت كتّاب الأغنية والملحنين والمطربين والفرق الموسيقية واستوديوهات التسجيل وحصلت هذه المهن على مبالغ جيدة من وراء الدعاية الانتخابية». وشهدت الثروة الحيوانية إسرافاً كبيراً في أعداد المواشي المنحورة لما يسمّى «المؤتمرات الانتخابية»، ونُحِرَت آلاف المواشي من قِبَل الكتل الكبيرة في محافظة صلاح الدين وأقيمت ولائم تكفي لإشباع عشرات الآلاف من الجياع في العراق لكنها قُدِّمَت من أجل الحصول على الأصوات ليس إلا. وذكر شاهد عيان أن محافظ صلاح الدين، أحمد عبدالله، أقام مؤتمراً انتخابياً نحر خلاله 250 خروفاً في وجبة واحدة (سعر الخروف 200 إلى 300 دولار) فيما نحر مرشحون آخرون مئات الخراف في مؤتمرات أخرى في سامراء والشرقاط وتكريت وبلد والدجيل.كما أنعشت الانتخابات النيابية العراقية مهنة الحدادين حيث استُخدِمَت مئات الأطنان من الحديد لتعليق صور المرشحين التي غطت شوارع ومدن المحافظة من شمالها إلى جنوبها.