في كتابه «عربي إنكليزي - لندن كما عشتها وعايشتها وتعايشت معها» يُقدّم الإعلامي السعودي فيصل ج. عباس، رئيس تحرير صحيفة «عرب نيوز» الدولية، صورةً عن العاصمة البريطانية من وجهة نظر عربية، عبر مشاهدات شخصية اختبرها عباس عقب انتقاله إلى لندن لاستكمال دراساته العليا والعمل محرراً في جريدة «الشرق الأوسط» قبل أن يتبوأ منصب رئيس تحرير موقع قناة «العربية» الإخبارية الإنكليزية. يأتي «عربي إنكليزي» (دار الكتّاب) ليرسّخ معنى الحوار الحضاري في ظلّ توتّر العلاقات العربية- الغربية جرّاء حروب وهجمات إرهابية ومؤامرات، من هنا وهناك. هكذا، ينقل الكاتب حقيقة ما رآه ليدحض بذلك كلّ الأوهام والأفكار المسبقة التي تُغذّي مفهومنا عن الآخر. إنّه يروي بشفافية تأملاته إزاء هذه المـــدينة الضخمة، كاشفاً تعقيداتها وتـــناقضاتها بأسلوب يمزج بين الجدية تارة، والسخرية اللاذعة تارة أخرى وضع مقدّمة الكتاب رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية الأسبق ومؤسس موقع «إيلاف» عثمان العمير، وقال فيها إنّ «ما يُميّز هذا الكتاب عن غيره هو أنّه يمنح القارئ ما يحتاج إليه من قلمٍ صوَّر تجربة ثرية وعميقة. إذ جرت العادة في بعض الكتابات أن تنحو نحو السياحة السريعة، كالوجبات سريعة التلف. هذا فضلاً عن إحاطته بالحياة الإنكليزية، وهي ذات أهمية بالغة كي يبرز العمل إلى الناس مُتقناً، ومالكاً القدرة على النفع والإمتاع». وكتــب أيضاً «فيصل عباس القادم من جدّة في الجانب الغربي من السعودية لم يكن كأترابه من العرب الذين ينتقلون جغرافياً إلى الغرب آخذين معهم طباعهم وتقاليدهم، غير متماهين مع الحياة الجديدة التي يعيشونها...». استغـــرق هذا العمل أكثر من عامين من الإعـــداد والبحث، وهـــو يستند إلـــى مقابلات وتحقيقات ومــواقف حقيقية وأحيـــانا طريفـــة تعرض لها المؤلف خلال إقامــته وعمله في العاصمة البريطانية على مدار عشر سنوات. يضمّ الكتاب عشرة فصول: «تشارلي ومصنع الشوكولا»، «آمال عظيمة»، «كبرياء وتحامل»، «أليس في بلاد العجائب»، «البريطانيون والوهم»، «كابتن هوك»، «بيل دي جور»، «روميو وجولييت»، «دراسة بالقــــرمـــزي»، «ذا أوفيس»، «غائب في الربيع»، «باي باي لندن». وفي كلّ فصل، يُدخـــــلنا الكـــاتب إلى صميم الثقافة البريطانية والحياة فيها، فيحكي مثلاً عن ثقافة الهدوء التي يجب أن يلتزم بها المواطن والمهاجر، فيحكي عن مشكلة حدثت له في أحد المطاعم أثارت غضبه، قبل أن يتعلّم أنّ الغضب يُفقدك فرصتك في الفوز بالنزال، وإن كان الحقّ معك. يرصد عبر «ذكريات لندنية» بعض اللمحات التــجـــارية بأسمــائهــا ومنتجـــاتـــها الـــعربية التي كـــان يقـــصــدها العرب المشتاقون إلى ما يعيدهم، ولو للحظات، إلى أوطانهم. ويتوقف عند بعض الأحداث الأمنية التي حثت في لندن وكانت أصابع الاتهام تُشار دائما إلى «العرب» الذي يعدّ واحداً منهم. ومنها ينتقل إلى قصص الحبّ التي جمعت بين عرب وإنكليز، مع تصوير الفوارق العاطفية والانفعالية بين أبناء الثقافتين.