×
محافظة المنطقة الشرقية

مكتوم بن محمد: جائزة الصحافة العربية تترجم نهج الإمارات في تشجيع المبدعين

صورة الخبر

ولاية سيناء يسعى لفرض تفسيره للشريعة الإسلامية على السكان المحليين وتطبيق قواعده المشددة في المنطقة وتمثل هذه التطورات تحولا كبيرا في أساليب التنظيم.العرب  [نُشر في 2017/05/02]الحكومة المصرية كثفت من هجامتها ضد تنظيم ولاية سيناء أسفرت عن مقتل المئات من عناصره العريش (مصر)- ذات يوم في أوائل ابريل كان شاهر سعيد يقود سيارته جنوبي مدينة العريش في محافظة شمال سيناء عندما قابل مجموعة من أفراد تنظيم الدولة الإسلامية وشاهدهم يوقفون شاحنة محملة بالسجائر. وقال شاهر الذي يقيم في العريش "كنت أقف بسيارتي خلف سيارة نقل سجائر، وشاهدتهم يجبرون سائق تلك السيارة على النزول وخلعوا الجزء العلوي من ملابسه وربطوه في باب سيارة خاصة بهم وضربوه على ظهره أكثر من عشر مرات بعد أن أحرقوا كل كراتين السجائر التي كانت في سيارته. وأضاف "بعدها تركوه بعد أن حذروه من تكرار تجارة السجائر، وبعدها انصرف المسلحون من المكان مستقلين سيارتين إحداهما دفع رباعي والأخرى ملاكي". تشير مقابلات مع سكان شمال سيناء ومراجعة لقطات فيديو نشرها التنظيم إلى أن فرعه المحلي المعروف باسم ولاية سيناء يسعى لفرض تفسيره للشريعة الإسلامية على السكان المحليين للمرة الأولى. وتوضح لقطات فيديو لولاية سيناء راجعتها رويترز أن التنظيم أسس قوة حسبة تتولى مسؤولية تطبيق قواعده المشددة التي تحظر سلوكيات مثل التدخين وحلق اللحى بالنسبة للرجال أو كشف الوجه بالنسبة للنساء. وتمثل هذه التطورات التي ترافقت مع زيادة حادة في الهجمات على المسيحيين داخل منطقة العمليات الرئيسية في شمال سيناء وخارجها تحولا كبيرا في أساليب ولاية سيناء. ففي السابق كان التنظيم يركز على مهاجمة رجال الشرطة والجيش ومن يتعاونون معهم. ويعد اتساع النطاق الجغرافي لنشاط التنظيم والتحول الذي طرأ على ما بؤرة اهتمامه تحديا للرئيس عبدالفتاح السيسي الذي تولى السلطة عام 2014 وتعهد بالقضاء على التطرف الإسلامي وإعادة الأمن. ولايزال التنظيم يشن هجمات دموية في مصر رغم الحملات التي شنتها الحكومة وأسفرت عن مقتل مئات المسلحين وسجن الآلاف من أصحاب الفكر المتطرف. وتعكس التطورات مدى توسيع ولاية سيناء لعملياتها في مصر أكثر الدول العربية سكانا في وقت يواجه فيه التنظيم انتكاسات في سوريا والعراق وليبيا. ورغم أن التنظيم لم يستطع السيطرة على مساحة من الأرض في مصر فهو يحاول إذكاء التوترات الطائفية والقلاقل الاجتماعية. وفي تسجيل بالفيديو مدته 25 دقيقة نشر في أواخر مارس على قناة على الانترنت يستخدمها التنظيم يظهر متشددون وهم يعلنون إنشاء قوة الحسبة في شمال سيناء على غرار وحدات الشرطة الدينية العاملة في بعض مناطق العراق وسوريا الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية. ويندد التسجيل بالمسيحيين والمتصوفين وظهرت فيه لقطات لأفراد من التنظيم، يرتدون سترات عليها علامات توضح أنهم من قوة الحسبة في ولاية سيناء، وهم يحرقون سجائر ومخدرات مصادرة ويدمرون مقابر وأضرحة يعتبرونها حراما. وفي الفيديو يحذر شاب من المتشددين لا يرتدي لثاما من أن رجال الحسبة سيعاقبون المخالفين وفقا لأحكام الشريعة. ويظهر رجال من التنظيم وهم يجلدون رجلا بخرطوم من البلاستيك ويقطعون رأس رجلين مسنين من المتصوفين ويتهمونهم بالكهانة والكفر. وامتنع المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية عن التعقيب على الأحداث في شمال شبه جزيرة سيناء التي تتمتع بأهمية استراتيجية غير أن الكثافة السكانية خفيفة فيها حيث خلق تجاهل الحكومة بها أرضا خصبة للتطرف بين السكان المحليين. وهون مصدر أمني من المخاوف من قدرة المتشددين على نشر العنف الطائفي على نطاق مماثل لما حدث في العراق. وأضاف "إنهم يحاولون إحداث تأثير. ونحن لا نقول إننا قضينا تماما عليهم. لكن هذا الكلام ضعيف". وبدأ التحول الأخير في أساليب المتشددين في ديسمبر عندما قتل مفجر انتحاري من التنظيم 28 شخصا في كنيسة بمجمع الكاتدرائية القبطية الرئيسية في قلب العاصمة المصرية. وفي فبراير أعلنت ولاية سيناء في مقطع فيديو آخر أنها ستقضي على المسيحيين الذين يشكلون نحو عشرة في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 92 مليون نسمة. ومن حين لآخر يتعرض المسيحيون في مصر لاعتداءات عادة ما تنشب بسبب نزاعات على الأرض أو بناء الكنائس أو علاقات غرامية بين أفراد من الديانتين الإسلامية والمسيحية. غير أن مقتل سبعة من المسيحيين في شمال سيناء على مدار ثلاثة أسابيع بدأت في 30 يناير كان أمرا مختلفا وأكثر منهجية حسبما قال مسؤولون وجماعات حقوقية في ذلك الوقت. ورحلت حوالي 175 أسرة هاربة من المنطقة. وقال بعض النازحين إن قوائم للمستهدفين من المسيحيين من سكان المنطقة انتشرت على الانترنت أو دست في البيوت من تحت الأبواب. وفي الشهر الماضي قتل رجال التنظيم ما لا يقل عن 45 شخصا في تفجيرين بكنيستين خلال احتفال المسيحيين بأحد السعف الأمر الذي دفع السيسي لإعلان حالة الطوارئ. وقال مختار عوض الزميل الباحث ببرنامج دراسة التطرف في جامعة جورج واشنطن إن الحملة الجديدة على المسيحيين محاولة لتمزيق نسيج المجتمع والدولة لتحقيق ما فشلت في تحقيقه الوسائل الأخرى. وأضاف "حدث هذا التصعيد الآن بسبب تضافر عدة عوامل. وهم يأملون أن تكون تلك هي الخطوة الأولى نحو تفكك البلاد". وبالإضافة إلى شن هجمات في مدن كبرى مثل القاهرة والاسكندرية وطنطا حيث وقعت تفجيرات الكنائس بدأ المتشددون ينتشرون في مناطق أبعد بشمال سيناء. ففي حين كانت العمليات تتركز حول مدينتي رفح والشيخ زويد بالقرب من الحدود مع قطاع غزة اتجه المتشددون لشن المزيد من الهجمات في مدينة العريش عاصمة المحافظة وحولها والتي تقع على بعد حوالي 52 كيلومترا إلى الغرب من الحدود مع القطاع. مهجورة ومدمرة ومنذ عام 2014 عندما أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس المتشددة في سيناء مبايعة تنظيم الدولة الإسلامية لجأت مصر إلى وسائل أشد تدميرا للقضاء على المتطرفين. فقد دمرت شبكة أنفاق تستخدم لتهريب السلاح من غزة وهدمت مئات البيوت لإنشاء منطقة عازلة وشنت العديد من الضربات الجوية. وحالت هذه السياسات دون سيطرة المتشددين على مساحة من الأرض لكن الثمن كان باهظا على السكان المحليين. وعلى الطريق السريع الذي يربط بين الشيخ زويد ورفح تقع حوالي 14 قرية. ويقول سكان في المنطقة الآن إن 11 قرية منها أصبحت الآن مهجورة. وتجول صحافي من رويترز في ثلاثة من تلك القرى بسيارة في أكتوبر وشاهد شوارع مهجورة وبيوتا مدمرة وبساتين قطع الجيش أشجارها لحرمان المتشددين من فرصة الاختباء فيها. في قرية الظهير اختفى حوالي نصف السكان. أما من بقوا فيها فقالوا إنه لم يكن أمامهم بديل آخر. وقال سليمان أبو حميد "نحن نعيش على زراعة الأرض قرب بيتنا بالطماطم (البندورة) والبقول وغيره ونأكل منها. وإذا ذهبت إلى العريش فلا مال عندي لاستئجار شقة وإذا تمكنت من إيجاد شقة فكيف أجد المال للطعام؟ قوات الأمن حاصرت الارهابيين لكنها حاصرتنا نحن أيضا". وفي قرية المقاطعة بالقرب من الشيخ زويد انتشرت في الشوارع أكوام من الركام حيث كانت البيوت قائمة من قبل. وحتى البيوت التي سلمت في الحرب الدائرة منذ ما يقرب من أربع سنوات بين الجيش المصري وولاية سيناء هجرها أصحابها. يعمل كرم الزبيدي الذي كان يقيم فيما سبق في قرية المقاطعة في مكتب بريد العريش ويبلغ مرتبه 1200 جنيه مصري (حوالي 66 دولارا) في الشهر وليس لديه خطط للعودة للقرية في الوقت الحالي. وقال الزبيدي "في أي لحظة يمكن أن تقتلني غارة جوية أنا وأولادي". وأضاف الذي دمر الجيش أشجار الزيتون الخاصة به "زرعت طماطم لكني لم أستطع الحصول على الوقود للمحرك الذي يسحب الماء من البئر ولذلك لم استطع العيش هناك". واعتاد أبناء الزبيدي الذهاب إلى المدرسة في الشيخ زويد لكنه قال إن ذلك أصبح محفوفا بمخاطر شديدة ويستهلك وقتا طويلا بسبب الحواجز الأمنية التابعة للجيش والشرطة على الطريق. وأضاف إن كثيرين ممن بقوا في القرى الآن يعلمون أولادهم في البيت. حواجز أمنية وفي بعض مناطق الطريق الممتد بين الشيخ زويد ومدينة العريش، التي كانت في وقت من الأوقات مقصدا للزائرين بفضل شواطئها ومطاعم المأكولات البحرية، أصبحت المسافات قريبة بين الحواجز الأمنية للجيش والشرطة حتى أصبح من الممكن لمن يقف عند أحدها رؤية الحاجز التالي. ولمنع التفجيرات وحوادث إطلاق النار تقيم قوات الأمن حواجز خرسانية على نحو متعرج أو تقيم خطوطا دفاعية مدعمة بأكياس الرمل. وتجبر بعض الحواجز الأمنية السيارات على الالتفاف بعيدا عن الطريق الرئيسي. غير أن سكانا محليين يقولون إن مثل هذه الإجراءات لم تمنع مقاتلي التنظيم من إقامة نقاط تفتيش مؤقتة حيث يتولون فحص أوراق الهوية ويطلبون من النساء تغطية وجوههن وينفذون عقوبات علنية. وقالت معلمة إنها كانت في طريقها من العريش إلى المدرسة التي تعمل فيها في رفح في أواخر فبراير عندما أوقف ثلاثة مقاتلين مسلحين وملثمين من تنظيم الدولة الإسلامية حافلتها. وروت أن اثنين من المسلحين صعدا إلى الحافلة ونصحا النساء بتغطية وجوههن والسفر مع محرم. وأضافت أن الأمر تكرر بعد بضعة أيام. وفي تلك المرة ترافقت النصيحة بارتداء النقاب مع تهديد بالعقاب جلدا أو بمواد حارقة لمن ترفضن الامتثال. وقالت إنها لم تمتثل للأمر، لكن أضافت "الوضع صعب والناس خائفة". وامتنعت عن ذكر اسمها بالكامل خشية انتقام مقاتلي الدولة الإسلامية الذين قطعوا رؤوس بعض السكان المحليين ممن يتهمونهم بمخالفة أحكام الشريعة وفقا لتفسيراتهم أو بالتعاون مع اسرائيل أو قوات الأمن المصرية. وقال ابراهيم التدوي وكيل وزارة التربية والتعليم في محافظة شمال سيناء إن المعلمين يسافرون كالمعتاد في حافلات تنظم الوزارة تحركاتها من العريش إلى المدارس في رفح. وأضاف "العملية التعليمية في شمال سيناء في أمن وأمان واستقرار. والدراسة تستمر لطلابها ومعلميها بالإدارات الستة". ورغم تشديد الأمن قال سكان في جنوب رفح إن مقاتلي التنظيم صادروا أطباقا لاستقبال بث الأقمار الصناعية وقال سكان في العريش إن متجرا كان يبيع شرائط الفيديو وأقراص الدي في دي تعرض للاعتداء. وقال المصدر الأمني إن المتشددين عجزوا عن فرض أنفسهم على المجتمع. وتقول الشرطة وسكان في العريش إنه رغم تحقيق الجيش بعض النجاح في تطهير المناطق الحدودية من المتشددين فقد ظهر المسلحون في أماكن أخرى. ويقولون إن المتشددين انتقلوا إلى المدينة وانتشروا من خلال الاختباء بين السكان المدنيين. وقال بدر علي الشرطي بإحدى نقاط التفتيش "المناطق التي كانوا يعيشون فيها لم تعد موجودة. وفيها الان وجود أمني كبير. والآن بدأوا يخرجون إلى الشوارع في المدينة لمهاجمتنا ثم الاختباء بين الناس. والمشكلة إن الناس يخافون من الإشارة إلى المسلحين إذا رصدوهم". وقالت منى برهوم الناشطة الحقوقية في رفح إنه رغم أن المتشددين لا يسيطرون على المنطقة فهم يريدون تأكيد وجودهم. وقالت "نحن لا ننكر أنهم موجودون لكنهم يعطون للإعلام صورة أنهم مسيطرون على سيناء. لا.. نحن لا نقول إنهم مسيطرون لكنهم موجودون".