توديع العزوبية.. تقليعات للتمرد على العادات المسموح بها انتشرت حفلات "توديع العزوبية" بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، في المجتمعات العربية، وهي حفلات صاخبة يقيمها المقبلون على الزواج سواء من الشباب أو الفتيات توديعا لحياة العزوبية، حيث يدعون الأصدقاء والمقربين ويمارسون سلوكيات غير معتادة بالنسبة للحفلات العادية.العرب مي مجدي [نُشر في 2017/04/30، العدد: 10618، ص(21)]حفلات بين المسموح والمحظور تحولت حفلات توديع العزوبية إلى عادة خاصة بالنسبة للعروس التي تقوم بها، وتعد لها قبل فترة وجيزة من حفل الزفاف، وربما تستمتع بها أكثر من حفل الزفاف لأنها تكون على مساحة أكبر من الحرية، ومن المتوقع أن تتحول هذه الحفلات خلال السنوات القليلة القادمة إلى ما يشبه التقليد المتبع في جميع الدول العربية حتى المحافظة منها قبل احتفالات الزواج. ومع البحث، وُجد أن هذه الحفلات تعود إلى قديم الزمان وربما إلى عهد إسبرطة، أي ما يقرب من 650 سنة قبل الميلاد، وكانت الحفلة تتمثل في اجتماع الجنود لتناول العشاء والاحتفال بصديقهم الذي اتخذ قرار الزواج، لكن مع مرور الزمان تطور شكلها ومظاهر الاحتفال بها، وهي عادة ما يجهز لها أصدقاء العريس أو صديقات العروس، حيث تأخذ عنصر المفاجأة وتكون قبل فترة قصيرة من الزفاف، وقد تكون خارج المنزل في مطعم أو قاعة. ويختلف شكلها ونوعها وفقا لطبيعة الشخص، فقد تتميز بالهدوء وقد تكون صاخبة، كما تختلف من دولة إلى أخرى، لكن في أغلب الدول العربية لا تأخذ عنصر المفاجأة لأن العريس أو العروس هما اللذان يقومان بتجهيزها وتنظيمها وإرسال الدعوات إلى الأصدقاء.حفلات توديع العزوبية لم تكن العادة الأولى التي نستنسخها من الغرب ونجعلها جزءا من العادات والتقاليد الشرقية الخاصة بنا، لأن هناك الكثير من الأفكار في مجالات الموضة والتكنولوجيا وأنواع الطعام التي تم تبنيها من الغرب من الناحية الفعلية الاحتفال بالعريس والعروس قبل الزواج موجود من قديم الزمان، وإن اختلفت المسميات لكن المضمون واحد ويتمثل في ليلة الحناء التي تقوم فيها العروس برسم الحناء والاحتفال مع صديقاتها. وفي مجتمعات عربية أخرى هناك احتفالات ثانوية تمهد لحفل الزفاف، لكن هذه الاحتفالات تتم وفقا للعادات والتقاليد والأعراف المتبعة وتكون صارمة على عكس ما هو معروف عن حفلات توديع العزوبية التي قد تمارس فيها نشاطات لا تتماشى مع العادات الشرقية. ففي المجتمعات العربية المحافظة مثل السعودية والإمارات تأخذ حفلات توديع العزوبية طابع الهدوء والبعد عن الصخب، حيث يتم استئجار صالة أو مكان معين لاحتفال العريس أو العروس في هدوء، ويتم الاحتفال والرقص والمرح وتناول الأطعمة لكن وفقا للأعراف. وفي مجتمعات أخرى تكون أكثر انفتاحا فتأخذ هذه الحفلات طابع حفلات توديع العزوبية في الغرب فتكون صاخبة، ويتم توزيع الهدايا على الأصدقاء والاستعانة براقصات والقيام بنشاطات خارجة عن المألوف وتناول الخمور، والرقص الصاخب، وغيرها من العادات الغربية الوافدة على المجتمعات العربية. وتشير الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس في مصر، إلى أن حفلات توديع العزوبية لم تكن العادة الأولى التي نستنسخها من الغرب ونجعلها جزءا من العادات والتقاليد الشرقية الخاصة بنا، لأن هناك الكثير من الأفكار في مجالات الموضة والتكنولوجيا وأنواع الطعام التي تم تبنيها من الغرب والتي تتنافى جميعها مع العادات والتقاليد التي نشأنا عليها. وأرجعت السبب في ذلك إلى وسائل الإعلام التي مجّدت عادات الغرب وجعلتها مثلا يُحتذى في جميع المجالات، مشيرة إلى أن المجتمعات العربية مقلدة وغير مبدعة، ونستهلك ما ينتجه الآخرون لكي ننال صفات الحضارة والتقدم.لا مانع للعروس من أن يراها الأصدقاء في شكل من التحرر والعفوية للمرة الأخيرة قبل الزواج لكن بشرط أن يكون ذلك وفقا للعادات والتقاليد ولفتت إلى أن حفلات توديع العزوبية كانت موجودة منذ قديم الزمان، حيث كان يتجمع أصدقاء العروس للاحتفال بها وعرض ملابسها بأسلوب ساخر ومبهج قبل حفل الزفاف والتزامها بالحياة الزوجية، وكأن حياتها سوف تصبح بعد ذلك لزوجها وستدخل قفص الزوجية ولن تستطيع الخروج منه مطلقا لأنها ستكون حبيسة المسؤوليات، وكذلك الأمر بالنسبة للعريس الذي يحتفل مع أصدقائه. وأضافت خضر أنه لا يمكن فصل الاحتفال بتوديع العزوبية عن ظواهر ترتبط بالحياة الشخصية تتمثل في الاحتفال بعيد الحب، واستخدام مجموعة من الطقوس الخاصة به، حيث دخل البلاد العربية من خلال الورود والزهور الحمراء ليتحول إلى ملابس جريئة. ونبهت إلى أن صفة الاستهلاك جزء من المجتمعات الشرقية حتى المحافظة منها فهي تتبع الأفكار الغربية لكن في الخفاء، ويرتبط هذا بالمستوى الأخلاقي أكثر من المعيشي، لافتة إلى أن هناك بعض حفلات توديع العزوبية التي يقوم فيها أصدقاء العروس بطباعة صورتها على ملابسهم وسط أجواء تتجاوز فيها الحدود الأخلاقية المسموح بها في المجتمعات الشرقية، لتتحول إلى ظاهرة مرضية تقبل كل فتاة مقبلة على الزواج للإعداد لها. وتوضح أستاذة علم الاجتماع، أن مثل هذه الحفلات تمثل تقليدا أعمى للغرب ودليلا على التمرد على الأعراف الاجتماعية والأخلاق التي نشأت عليها المجتمعات العربية وقلة الوازع الديني. ويمكن للعروس أن تحتفل بتوديع العزوبية وسط أصدقائها لأن حفل الزفاف يفقد الحميمية وتكون العروس على طبيعتها أكثر مع صديقاتها، فلا مانع أن يراها الأصدقاء في شكل من التحرر والعفوية للمرة الأخيرة قبل الزواج لكن بشرط أن يكون ذلك وفقا للعادات والتقاليد، ولا يتعدى المعتقدات والمسموح به مجتمعيا. أما في ما يتعلق بالجانب المالي والتكاليف الباهظة لحفلات الزواج التي باتت من بين أهم أسباب عزوف الشباب عن الزواج يرى علماء اجتماع، أن حفلات توديع العزوبية التي تسللت مؤخرا إلى أغلب المجتمعات العربية غير صحية، وذلك بسبب التكلفة المالية الكبرى لهذه الحفلات، والتي قد تجبر بعض الفتيات اللاتي ينتمين إلى أسر محدودة الدخل على مجاراة صديقاتهن، مما يدخل أسرهن في حرج ويكلفنها ما لا طاقة لها به.