×
محافظة المنطقة الشرقية

جموع غفيرة تؤدي صلاة الميت على الشهيد الزهراني بالقطيف (صور)

صورة الخبر

«إنكا». «لابو لابو». هل سمعت بهاتين الكلمتين؟ لنبدأ بالأولى. إنكا اسم شعب عاش في أمريكا الجنوبية قبالة جبال الأنديز قبل مئات السنين، وكان لهم حضارة متطورة، وثروة كبيرة؛ فجذب هذا أطماع الغربيين - كالعادة - فأتى الكونكيستادور، وهذا اسم المنصرين الإسبانيين والبرتغاليين الذين جابوا الأرض، ونصَّروا الشعوب بالحديد والنار، ونهبوا ثرواتهم، واستغلوا تقدمهم التقني لإبادة وإرهاب الشعوب. وفي القرن السادس عشر، وتحديدًا سنة 1533م، قام ثمانون ألف نصراني - بعد أن أُمِّنوا ثم غدروا بالإنكا - بإبادة الشعب عن بكرة أبيه، والاستيلاء على مواردهم؛ وانقرض الإنكا. هذه تكررت كثيرًا، وما أكثر الشعوب التي نُحرت ونُصِّرت على أيديهم. ومن الكونكيستادور أسماء شهيرة، مثل فاسكو ديغاما وماجلان (الذي سنرى قصته الآن)، الذين دائمًا يلمِّعهم الغرب، ويصفهم بأنهم مستكشفون، بينهما لم يذهبوا إلا لذبح ونهب وتنصير الأمم. وانظر إلى دول أمريكا الجنوبية مثلاً، التي تحكي الإسبانية أو البرتغالية اليوم، وتعبد الصليب بسبب تنصيرها بالقوة على يد هؤلاء. ونقيض انهزام الإنكا والشعوب المغلوبة هو ما حصل في الفلبين، فالكونكيستادور البرتغالي المعروف ماجلان مضى يحرق ويقتل من في طريقه، وينصِّرهم، وكان يقود جيشًا إسبانيًّا، حتى لما وصل للفلبين في رحلاته قام بتنصير ملك الفلبين الذي بدوره أمر رؤساء الجزر والأقاليم بأن يتنصروا؛ ففعلوا ذلك ما عدا واحدًا، هو الأمير لابو لابو (وهناك مصادر تقول إنه وشعبه مسلمون)؛ فأغضب هذا ماجلان؛ واقترح ملك الفلبين عليه الذهاب بنفسه هناك ونحر أهل الجزيرة، وزوده بالسلاح والمال، فجمع سلاحه وصلبانه، واتجه إلى ماكتان وهو اسم الجزيرة الصغيرة التي حكمها لابو لابو، ولما أمرهم بالتنصُّر رفضوا، فلما هددهم أعلن لابو لابو المقاومة، وهجم ماجلان ورجاله بمسدساتهم على أهل الجزيرة وأسلحتهم البدائية، وكان الإسبان لا يشكون أنهم ظافرون بسبب تقنيتهم وما رأوه من انهزام سريع في الشعوب التي أخضعوها، غير أنهم هنا واجهوا عدوًّا لم يروا مثله، وبدأ الإسبان يذعرون لما رأوا شعب لابو لابو ماضين في جهادهم. وما انفضت المعركة وإلا وأُبيد النصارى، وقُتل ماجلان، وتمزق إربًا حتى لم يعد له أثر. اليوم يعتبر لابو لابو أول بطل قومي للفلبين لشجاعته ورفضه الذل ومقاومته الطغاة، وله تماثيل الآن في تلك الجزيرة وفي مانيلا ومدن أخرى، تخلد تلك المعركة التي كسرت أسطورة الإمبراطورية الجبارة التي لا يقف أمامها شيء، ورفعت شأن الشرفاء الذين جاهدوا وقهروا إجرام الغرب.