يبدو أن منظمة أوبك وشركاءها في اتفاق خفض الإنتاج يستعدون لاتخاذ قرار بتمديد الاتفاق الحالي إلى ما بعد يونيو القادم خلال اجتماعهم المقرر عقده الشهر القادم، وذلك بحسب تقرير نشره موقع «أويل برايس». والسؤال الذي يحاول أغلب محللي ومراقبي السوق الآن الإجابة عنه، هو إلى أي مدى ستؤثر تلك الخطوة على الأسعار المستقبلية للخام، وهل سيسهم ذلك في دفع الأسعار إلى المستوى الذي تأمله «أوبك»؟ ومع الإعلان عن اتفاق «أوبك» لأول مرة في نوفمبر الماضي ارتفعت أسعار الخام إلى مستوى حول 50 دولاراً للبرميل، وظلت أسعار الخام حول ذلك المستوى لبضعة أشهر. وكان أثر الاتفاق الذي تمتع بتغطية ضخمة وشاملة من وسائل الإعلام الرئيسية لشهور كبيراً، ولكن في الوقت نفسه كان مؤقتا. وتسببت بيانات المخزونات الأميركية في تراجع أسعار الخام خلال فبراير، وظلت تتأرجح صعوداً وهبوطاً حتى حصلت على دفعة قوية بعد قيام الولايات المتحدة بشن ضربة صاروخية على سوريا. ومما لا شك فيه، تأمل «أوبك» أن يكون لقرار تمديد التخفيضات تأثير أكثر دواماً، لأن ذلك من شأنه أن يحقق استقرارا حقيقياً في الأسواق، وربما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الخام إلى 60 دولاراً للبرميل. وكان تأثير الجولة الأولى من التخفيضات قد تعثر جزئياً بسبب ارتفاع الإنتاج في الربع الأخير من عام 2016. الأمر قد يستغرق وقتاً ارتفعت أيضاً المخزونات الأميركية من الخام في أوائل عام 2017، على الرغم من انخفاض مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وفقاً لبيانات وكالة الطاقة الدولية، وهو ما يدل على التأثير الذي أحدثته تخفيضات أعضاء «أوبك» البالغة 1.8 مليون برميل/يومياً، على الرغم من معدل الامتثال المنخفض من جانب الدول غير الأعضاء. وكان من المتوقع أن تنخفض المخزونات الأميركية من الخام، وهو مما يعزز من مستويات الأسعار على المدى القصير، ولكن بدلاً من ذلك، دفعت مخزونات البنزين التي ارتفعت بشكل غير متوقع أسعار الخام إلى أدنى مستوى لها في أسابيع خلال منتصف أبريل. والمخزونات الأميركية تستمر حالياً في التراجع، الأمر الذي قد يجعل لقرار «أوبك» بتمديد الاتفاق تأثيرا مضاعفا، ولكن رغم ذلك، قد لا يحدث هذا بشكل فوري يُمكن المنظمة من الوصول بأسعار الخام إلى المستوى المنشود في يونيو. يرجع ذلك إلى تسبب المستويات الضخمة للإنتاج من قبل منتجي «أوبك» خلال الربع الأخير من العام الماضي، أو من قبل منتجين من خارجها في أوائل 2017 في معادلة التأثير التراكمي للتخفيضات. هل تغيرت أساسيات السوق؟ أعرب الكثير من المحللين عن تفاؤلهم حول الأسعار المستقبلية للخام، حيث توقع محللو «غولدمان ساكس» و»سيتي غروب» ارتفاع أسعار النفط قريباً إلى مستوى يقترب من 60 دولاراً. ويرى «غولدمان ساكس» أن الانخفاضات الأخيرة التي شهدتها أسعار الخام ترجع إلى عوامل قصيرة المدى، وأن أساسيات السوق تشير إلى استمرار انخفاض حجم المعروض. وشعور «غولدمان ساكس» بأن الانخفاضات الأخيرة في الأسعار تعود إلى عوامل المضاربة قصيرة الأجل، يجب أن يعطي المستثمرين والمحللين سبباً للتفاؤل. والانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار الخام الأسبوع الماضي، جاء على خلفية ارتفاع عدد منصات التنقيب عن النفط الأميركي بأكثر من المتوقع، وشكوك حول التزام روسيا بالتمديد المحتمل لاتفاق خفض الإنتاج. ويمكن أن يتم تفسير هذه التحركات على أنها استجابة عاطفية من الأسواق، وليس كعلامة مؤكدة على تغير أساسيات السوق. تماماً مثلما حدث خلال الأسبوع الذي أعقب الضربة الأميركية على سوريا، يمكن أن يتسبب استمرار انخفاض المخزونات الأميركية في انتعاش أسعار الخام بعد انخفاضها المفاجئ الأسبوع الماضي. وإذا شهدت المخزونات العالمية من الخام تراجعاً كبيراً، فإن استمرار غياب الـ 1.5 مليون برميل/يومياً التي سحبتها «أوبك» من الأسواق في بداية العام الحالي، قد يصبح لها أخيراً الأثر المنشود. أخيراً، إذا قررت «أوبك» تمديد اتفاق خفض الإنتاج، ونجحت في ضم روسيا إليه، واستمرت المخزونات الأميركية في الانخفاض، فإن هناك فرصة كبيرة لتتحقق توقعات «غولدمان ساكس» باستعادة السوق لتوازنه أواخر صيف 2017. المخزونات قال الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو إن تخمة مخزونات النفط العالمية تتقلص لكن المخزونات ما زالت بحاجة إلى الانخفاض أكثر صوب متوسط خمس سنوات. وتجتمع منظمة البلدان المصدرة للبترول ودول من خارج أوبك في 25 مايو لمناقشة تمديد خفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا، ثلثاها من أوبك، في مسعى لتصريف تخمة المعروض التي تضغط على الأسعار. وكانت وكالة الطاقة الدولية قالت هذا الشهر إن المخزونات بالدول الصناعية مازالت أعلى بنسبة عشرة في المئة فوق متوسط خمس سنوات الذي تراقبه أوبك. قطر قال وزير الطاقة والصناعة القطري، محمد بن صالح السادة، إن «النضج بلغ مستوى عاليا داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، نتيجة للجهود المبذولة خلال السنتين الأخيرتين». جاء ذلك خلال كلمة له في جلسة بعنوان «توقعات الطاقة العالمية والإقليمية» المنعقدة في إطار قمة المجلس الأطلسي، التي انطلقت الخميس الماضي في اسطنبول بمشاركة سياسيين ودبلوماسيين ومسؤولين رفيعي المستوى في شركات عالمية بمجال الطاقة. وأوضح أن المفاوضات التي يجريها أعضاء «أوبك» والاتفاقيات التي تبرمها خلال السنة الأخيرة، تهدف لرفع أسعار النفط وتحقيق الاستقرار في السوق. وأشار إلى وجود انسجام تام في تطبيق اتفاقية خفض الإنتاج. الاستثمار قالت وكالة الطاقة الدولية إن معروض النفط العالمي قد يقل عن الطلب بعد عام 2020 ما لم تجر الموافقة على استثمارات جديدة قريبا. وأضافت الوكالة أن اكتشافات النفط العالمية تراجعت إلى مستوى قياسي منخفض في 2016 في الوقت الذي تقلص فيه الشركات الإنفاق وأعداد مشاريع النفط التقليدية التي جرت الموافقة عليها إلى أدنى مستوى في أكثر من 70 عاما، محذرة من أن الاتجاهين قد يستمران هذا العام. وقالت وكالة الطاقة إن اكتشافات النفط هبطت إلى 2.4 مليار برميل في 2016 مقارنة مع المتوسط البالغ تسعة مليارات برميل سنويا على مدى الخمسة عشر عاما الماضية. وقالت الوكالة: «حجم الموارد التقليدية التي جرت الموافقة على تطويرها في العام الماضي هبط 30 في المئة عن العام السابق إلى 4.7 مليارات برميل مع انخفاض عدد المشاريع التي تلقت قرارا استثماريا نهائيا إلى أدنى مستوى منذ الأربعينات». وأوضحت أن التباطؤ الحاد في نشاط قطاع النفط التقليدي جاء نتيجة لانخفاض الاستثمارات بفعل تراجع أسعار النفط، مضيفة أن هذا سبب آخر للمخاوف بشأن أمن الطاقة في وقت تتصاعد فيه المخاطر الجيوسياسية ببعض الدول الرئيسية المنتجة مثل فنزويلا. (أرقام – رويترز، الأناضول)