سيتم تطبيق التشريع المعدل للأسواق في التوجيه الأوروبي المتعلق بالتداول «ميفيد 2» ( MiFID II) في يناير/كانون الثاني 2018. وفي حين تواصل الشركات المالية الأوروبية، سواء من الطرف البائع أو الشاري صراعها، للتأقلم مع تبعات القانون المعدل والخطوات اللازمة كي تبقى ممتثلة للقانون، لكن العديد من الشركات الواقعة خارج نطاق الاتحاد الأوروبي ما زالت متأخرة عن الالتحاق بنظيراتها. إن هذا التغيير الكبير المتوقع في الطريقة التي تمارس بها الشركات الأوروبية أعمالها بين بعضها بعضاً، أو حتى مع نظيراتها في العالم يتطلب من العديد من المؤسسات ابتكار طريقة استراتيجية جديدة في التعاطي مع الأعمال ويفرض على الجميع تخصيص الميزانيات لوضع أنظمة جديدة حتماً. وسيكون لقانون «ميفيد 2» تأثير كبير في دورة التداول بكاملها بسبب المعايير الجديدة الأكثر صرامةً في إجراء الأعمال والكمية الإضافية من التقارير التي سيصبح واجباً تقديمها عن التداولات والمعاملات. ويتم إنفاق مبالغ ضخمة على التوظيف والمعلوماتية بهدف تطوير الأنظمة المختصة القانونية من أجل الامتثال للقواعد الجديدة. وبحسب «ديلويت» فإن الشركات غير الأوروبية ستتأثر بشكل مباشر إن كانت لديها فروع، أو شركات تابعة في أوروبا، ولكن حتى إن لم يكن الأمر كذلك فإنها غالباً ما ستتأثر بشكل غير مباشر في كل مرة تقوم فيها بالتعامل، أو التداول المالي مع شركات أو عملاء أوروبيين.فعلى سبيل المثال، من أجل مواصلة خدمة العملاء الأوروبيين، قد تواجه البنوك غير الأوروبية في الاتحاد الأوروبي ضغوطاً لتطوير أنظمتها بالكامل. ولتقديم الخدمات لعملاء أوروبيين مختصين عبر الحدود يترتب على مديري الاستثمار غير الأوروبيين التسجيل لدى هيئة الأوراق والأسواق المالية الأوروبية (ESMA)، وأن يخضعوا لنفس المعايير التي تخضع لها الشركات تحت قانون «ميفيد»، بحسب قرارات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالتكافؤ التنظيمي، والمعاملة بالمثل. إضافة لذلك، فإن تشريع «ميفيد 2» قد يصبح معياراً تنظيمياً عالمياً إذ ستنتهج الكثير من الشركات العالمية مقاربةً استراتيجية لتطبيق التشريع، وستعدل أنظمة الامتثال لديها وإجراءاتها لتتوافق مع المعايير الجديدة التي تتميز بصرامتها الشديدة، والتي تجعل أي خطوة مسبقة متعلقة بالبحث في التشريعات وفهمها قبل إجراء أية تعديلات، عملاً شاقاً. لقد شهدت العديد من المؤسسات في المنطقة أمراً مشابهاً. وبحسب خبراء «بلومبيرج»، فإن قانون «ميفيد 2» سيجبر مديري الاستثمار غير الأوروبيين على تسويق خدماتهم للعملاء الأوروبيين بطريقة تمتثل للقانون، بما يشابه بشكل كبير التوجيه الأوروبي المتعلق بمديري الصناديق الاستثمارية البديلة، وهو تشريع اعتادت عليه البنوك في الشرق الأوسط وقامت بنجاح بتضمينه في إجراءاتها. لذلك سيكون من الممكن تحقيق الامتثال للقانون المعدل، خاصة إن تم ذلك باستخدام خدمات أطراف خارجية لتخفيض النفقات، إن كانت النية للقيام بذلك موجودة. وفي حين خصصت المصارف والصناديق الأوروبية خلال العام والنصف الماضيين فِرقاً للعمل على هذا المشروع من الناحية القانونية، ومن ناحية الامتثال استعداداً للامتثال لمتطلبات «ميفيد 2»، فإن الامتثال الكامل عندما يحين موعد التطبيق سيشكل تحدياً للعديد من الشركات خاصةً الشركات المتوسطة المستوى وغيرها من المؤسسات الصغيرة. ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى التركيب المؤسسي المعقد في الاتحاد الأوروبي الذي أدى إلى بقاء بعض نواحي التشريع الجديد تحت النقاش حتى الآن. وبخلاف نظيراتها الأمريكية، فإن الهيئات التنظيمية الأوروبية تفتقر لنفس السلطات التي كانت لتخولها فرض التريث التنظيمي وتأخير موعد التطبيق، ولذلك فإن الضغط يتزايد بشدة مع اقتراب موعد التطبيق في شهر يناير/كانون الثاني القادم. واختلفت ردود الفعل لدى مسؤولي الامتثال في منطقة الشرق الأوسط. فقد استشهد البعض بعدم الوضوح الذي يسببه تأخر الهيئات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي بإصدار التوجيهات، خاصة منها تلك المتعلقة بالشركات غير الأوروبية. في حين كان البعض الآخر أقل قلقاً من تأثيرات «ميفيد 2» نظراً لمحدودية تعاملهم مع الشركات والعملاء الأوروبيين.وبشكل عام، لا يمكن تفسير هذا الاختلاف في الآراء على أنه حالة من قيام الشركات في الشرق الأوسط بالهروب من الواقع. إذ يدرك معظمها أن قطاع إدارة الاستثمار إقليمياً، سواء كان إدارة الصناديق من الطرف الشاري أو شركات الوساطة المالية أو البحوث من الطرف البائع، سيتأثر بكافة مكوناته لدرجة أو لأخرى. وقد بدأت الشركات في المنطقة بالفعل بتلقي طلبات من نظيراتها الأوروبية للحصول على المعلومات، وهي إشارة على أن الأدوات والأنظمة اللازمة للاستجابة لمعايير «ميفيد 2» الصارمة ستصبح قريباً أمراً ضرورياً للشركات المالية في منطقة الشرق الأوسط. * جو ماك هيل رئيس العلاقات التنظيمية الإقليمي في «بلومبيرج»