باريس - من المنتظر أن تتمحور حملة مارين لوبن في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التي تجري في فرنسا في السابع من مايو أيار حول التحذير من مخاطر العولمة والإرهاب والجهود الرامية لتصوير منافسها إيمانويل ماكرون على أنه مرشح المؤسسة. ورغم أن الجبهة الوطنية تدرك تمام الإدراك ما تشير إليه استطلاعات الرأي من عدم وجود فرصة أمام لوبان للفوز فقد ركزت بشدة على هذه النقاط الرئيسية في بداية حملة الدعاية للجولة الثانية سعيا لاجتذاب أصوات الناقمين في اليسار المتطرف واليمين المتطرف على السواء. فخوض سباق مع مصرفي سابق يدعمه الساسة من كل ألوان الطيف السياسي الراغبون في بناء حائط صد لمنع الجبهة الوطنية من الوصول إلى قصر الإليزيه يتيح للوبن الفرصة المثالية لدعم ما يمثله موقفها المناهض للمؤسسة من إغراء للناخبين حتى إذا كانت مؤسسات استطلاع الرأي تؤكد أن هذا ليس كافيا لفوزها. وحددت لوبن الأفكار السائدة في حملتها عندما ظهرت صباح الاثنين في سوق بمدينة روفروي الصغيرة في شمال فرنسا والتي تعاني من ارتفاع البطالة وقالت إن الجولة الثانية ستكون استفتاء ضد العولمة ونددت بالتحالف "العفن" للساسة من التيارات الرئيسية ضدها. ووقفت لوبن مع الناخبين لالتقاط الصور في البلدة التي حصلت على أكثر من 40 في المئة من أصوات ناخبيها الأحد وحل فيها مرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلينشون المناهض للعولمة والتيارات السياسية الرئيسية في المركز الثاني. وقالت "أنا مقتنعة أن أغلبية كبيرة من الفرنسيين تعارض العولمة المستفحلة". وانتشر أقرب مساعدي لوبن في البرامج الصباحية في وسائل الإعلام للتأكيد على تلك النقطة بل وقالوا إن من أيدوا ميلينشون أصبحوا في المتناول بالنسبة للوبن. وقال جايتان دوسوساي رئيس جناح الشباب بالجبهة الوطنية وعضو لجنة الدعاية الانتخابية للوبن "الهوة التي تفصل اليمين واليسار عفا عليها الزمان وأصبحت الهوة الجديدة بين أنصار العولمة والوطنيين". وأضاف "شهدنا ذلك الليلة الماضية وسيكون ذلك في صلب الحملة بين الجولتين" الانتخابيتين. وحصلت لوبن على 21.3 في المئة من أصوات الناخبين في الجولة الأولى الأحد وجاءت في المركز الثاني بعد ماكرون الذي حصل على 24.01 في المئة. وعلى الفور أرسلت حملتها رسالة بالبريد الالكتروني لأنصارها تطالبهم فيها بنشر رسائل مخصصة لوسائل التواصل الاجتماعي عن "ماكرون الحقيقي". وتقول واحدة من تلك الرسائل "ماكرون الحقيقي هو مرشح المؤسسة". وحصل ميلينشون الأحد على 19.64 في المئة من الأصوات ورغم أنه خصم عنيد للوبن منذ سنوات فقد رفض حتى الآن الإعلان عن اسم المرشح الذي سيؤيده في جولة الإعادة. ومن المحتمل أن يكون لموقف لوبان المعارض للمؤسسة وللعولمة صدى لدى بعض الناخبين الذين أيدوه. ففي حانة في شمال باريس سهر فيها ميلينشون ليلة الانتخابات انقسمت آراء أنصاره في هذا الموضوع. ففي حين قال البعض إنهم قد يؤيدون لوبن أشار استطلاع للرأي أجرته مؤسسة هاريس انترآكتيف إلى أنهم يمثلون أقلية إذ قال 52 في المئة من أنصار ميلينشون إنهم سيؤيدون ماكرون في جولة الإعادة وقال 36 في المئة إنهم سيمتنعون عن التصويت وقال 12 في المئة فقط إنهم سيصوتون لصالح لوبن. "غير كاف" وقال محللون إن لوبن ربما تجد قدرا أكبر من التأييد بين الناخبين اليمينيين ممن تقض مضاجعهم القضايا الأمنية والحدود المفتوحة في أوروبا والذين أيدوا إما المرشح المحافظ فرانسوا فيون أو المرشح القومي نيكولا دوبون أينان في الجولة الأولى وربما يحجمون عن تأييد ماكرون الذي ينتمي لتيار الوسط. وقال ايريك دو لا فوشاردير (28 عاما) الذي يعمل معاونا في البرلمان مشيرا إلى ماكرون المستشار والوزير السابق في حكومة الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند في لقاء جماهيري مساء الأحد "حاربت هولاند خمس سنوات ولا يمكن أن أؤيد وريثه". وأضاف أنه يرفض الانصياع لدعوة فيون ناخبيه لتأييد ماكرون وقال إنه إما سيصوت للوبن أو يفسد صوته الانتخابي. وأظهر استطلاع للرأي أجرته هاريس انترآكتيف أن 47 في المئة من ناخبي فيون سيؤيدون ماكرون وان 23 في المئة منهم سيصوتون لصالح لوبن. ورغم أن لوبن لم تفلح في جعل أفكارها المعتادة في الهجرة والأمن والإرهاب صلب حملة الدعاية في الجولة الأولى فقد قال دوسوساي من حزب الجبهة الوطنية إنها ستمثل محورا رئيسيا فيما بين الجولتين. وركزت لوبن على تلك الزاوية في روفروي بعد أن دعت "كل الوطنيين" الأحد إلى الوقوف خلفها فوزعت الاثنين منشورات تعهدت فيها "بالقضاء على الإرهاب الإسلامي" وطرد "الأجانب الإسلاميين". غير أن جيلز إيفالدي الباحثة بجامعة نيس في شؤون الجبهة الوطنية قالت في تعليقات رددت صداها مؤسسات استطلاع الرأي "هذا وحده لا يبدو كافيا للفوز". وأوضحت استطلاعات للرأي الاثنين أن ماكرون سيحصل على 60 في المئة على الأقل من الأصوات في السابع من مايو أيار. ويقول سيلفان كريبون المتخصص في شؤون الجبهة الوطنية بجامعة تور إن لوبن لا يمكنها سد الفجوة التي تفصلها عن ماكرون هذه المرة غير أن التركيز على هذه الأفكار ضروري لمستقبل الحزب ولدوره في إعادة تنظيم المشهد السياسي الذي هزته حملة انتخابية سقطت فيها أحزاب اليسار واليمين الكبرى. وأضاف كريبون مشيرا للانتخابات الرئاسية المقبلة "هم يستعدون لما بعد ذلك. للعام 2022". وقال "من المفارقات أن ماكرون هو أفضل خصم للوبن، لا من حيث نتيجة الجولة الثانية وأنه الوحيد (بين المتنافسين في الجولة الأولى) الذي يتوقع أن يهزمها بفارق كبير بل لأن بوسعها أن تصفه بمرشح المؤسسة ومرشح العولمة إذ أن الجميع يؤيده في فرنسا وأوروبا وأن تطرح نفسها كأفضل بديل له".