نظّمت جامعة قطر بالتعاون مع مركز Best Buddies قطر، ورشة تدريبية حول الإعلام وقضايا ذوي الإعاقة، شارك فيها متخصصون إعلاميون من جامعة قطر. وكان من أهم ما تطرق إليه الباحثون والحضور هو تحديد المصطلح! ففي حين ردّد بعضهم المصطلح القديم وهو «ذوو الاحتياجات الخاصة»، ذكرَ الباحثون أن المصطلح الكبير الدلالة والحافظ لكرامة الإنسان ذي الإعاقة هو «ذوو الإعاقة». ورأى أحد الباحثين أن كل بلد يضع استراتيجية نحو دمج ذوي الإعاقة في مؤسسات المجتمع وعدم التفرقة بينهم وبين المواطنين الأصحاء في الرواتب والمخصصات وفرص العمل والتدريب والترقية، انطلاقاً من الدستور الذي ينص على أن «المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات العامة»، وهذا يعني المرأة والرجل، دون أن يوجد نص يميّز الأصحاء من ذوي الإعاقة، لكن الاستراتيجية هذه تصطدم ببعض المعوقات، منها: إن مواد الإعلام لا تشمل ذوي الإعاقة. إن البرامج الإعلامية تقدّم الحلول دون مشاركة أهل الشأن وهم «ذوو الإعاقة». إظهار ذوي الإعاقة بمظهر حاجتهم إلى الشفقة والمساعدة، دونما أدلة أو إحصائيات. إن البرامج الخاصة بذوي الإعاقة عادة ما تكون بإيقاع بطيء، وتفتقر إلى التشويق والإبهار وإدخال التقنية الحديثة فيها. ورأى بعض المتحدثين أن التخطيط للحملات التوعوية الخاصة بذوي الإعاقة يفتقد وضوح الفكرة، ورصد الأهداف، وسير الحملة، وتحديد الجمهور المُستهدف، لأن تشكيل الرسالة الإعلامية لا بد وأن يأخذ في الاعتبار نوعية الجمهور وموعد بث الرسالة، وأن أهداف الحملة -قبل بدئها- يجب أن تُحدد لها مواصفات، منها: مرونة تغيّر الهدف. أن الهدف قابل للقياس، والابتعاد عن الأهداف العامة. أن يتفق أكثر أعضاء فريق العمل على الهدف. أن يرتبط الهدف بزمن معين. كما يجب ربط الهدف لغوياً عبر 3 وسائل: زيادة الوعي. تغيّر السلوك. تغيّر المعتقدات. ويمكن أن يتم الربط بين اثنين من هذه الوسائل أو أن تؤخذ كلها. وانطلق أحد الباحثين من عنوان فرعي في الورشة هو «الحضور الميدياتيكي لذوي الإعاقة»، ورأى أن السياق الإعلامي الذي نتحرك فيه هذه الأيام هو سياق ما بعد الحداثة، ومن خصائصه أن الفرد أصبح «متشظياً» نتيجة لتشظي المجتمعات للأيديولوجية الفكرية، حيث يعمل الإعلام تحت شعار خطير هو «البقاء للأصلح» وهذا سياق مزعج ينزلق بالإعلام نحو منطق السوق، لا منطق الأحداث الجارية في المجتمع، وبالتالي يكون حضور ذوي الإعاقة في الإعلام محدوداً. ورأى بعض المتداخلين أن حضور ذوي الإعاقة في الإعلام محدود جداً، وأن هذا الحضور هو رد فعل على استحياء، وليس مشروعاً قائماً بذاته. كما أن عدم وجود جمعية أو هيئة فاعلة تجمع ذوي الإعاقة وتضع الخطط والبرامج لهم، يجعل من وجودهم في الإعلام هشاً ومناسباتياً، ذلك أن وجود مثل هذه الجمعيات يشجع أولياء الأمور للتجاوب والتحاور حول مستقبل أبنائهم من ذوي الإعاقة. كما اقترح أحد ذوي الإعاقة أن يكون الحضور الإعلامي لهذه الفئة حضوراً مؤسساتياً، وأن يقوم بتقديم برامج ذوي الإعاقة أحد أصحاب المشكلة، ليكونوا مثالاً وأداة لتغيير وجهة النظر أو الرأي العام تجاه هذه الفئة. ولا يجوز أن يستمر الرأي العام في نظرته بالتركيز على سمة الضعف، وأن ذوي الإعاقة دوماً بحاجة إلى مساعدة. وبرأينا، فإن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة تحتاج إلى رعاية أفضل في المجال الإعلامي. وأننا لا نلاحظ اتجاهاً نحو إتاحة الفرصة لذوي الإعاقة -القادر على تحرير صفحة تخصهم في الجريدة أو المجلة!؟ أو تنفيذ برنامج في الإذاعة أو التليفزيون، أو أن يكون لهم موقع للحوار، ولربما يكون هنالك موقع لا نعلم عنه، بحيث تكون هذه الوسائل نوافذ لهم كي يتعرف الجمهور على حقوقهم وآمالهم، ولا أدل على ذلك من تجاهل بعض السائقين لمواقف ذوي الإعاقة، وتوقيف سياراتهم في الأماكن المخصصة لذوي الإعاقة دونما خجل أو إحساس بواجب قيمي نحو هؤلاء. فما بالكم بالقضايا الأكبر من ذلك، مثل الوظيفة، والأحقية في تجاوز الطابور -لمن لا يستطيع الانتظار طويلاً، وتسهيل وصول هذه الفئة إلى البنوك وقاعات المحاضرات، أو تبديل نظرة العطف والقصور تجاه هذه الفئة، خصوصاً فيما يتعلق بالأمور الاجتماعية، الزواج، وإدماج هذه الفئة في نشاطات المجتمع ثقافياً ورياضياً وسياحة، وغيرها من المجالات التي تمحو الصورة النمطية عن هؤلاء وتضعهم في دائرة العطف أو العزل.